للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول دون الثاني، فإذا روى الراوي عمن عاصره ولم يلقه وأوهم أنه سمع منه فهذا تدليس، أما إذا روى عنه ولم يوهم أنه سمع منه فليس تدليسًا.

فعلى هذا؛ فالإرسال إذا كان موهِمًا داخل في التدليس، والله أعلم.

ثم قال ابن حجر بعد ذلك: «والذي يظهر من تصرُّفات الحُذَّاق منهم -يعني من أهل الحديث- أن التدليس مختصٌّ باللُّقي، فقد أطبقوا على أن رواية المخضرمين (١) مثل: قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبيل المرسل لا من قبيل المدلَّس.

وقد قال الخطيب في باب المرسل من كتابه «الكفاية»: لا خلاف بين أهل العلم أن إرسال الحديث الذي ليس بمدلَّس وهو: رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه. ثم مثَّل للأول بسعيد بن المسيب وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وللثاني بسفيان الثوري وغيره عن الزهري.

ثم قال: والحكم في الجميع عندنا واحد (٢).

فقد بيَّن الخطيب في ذلك أن من روى عمن لم يَثبت لُقِيُّه ولو عاصره أن ذلك مرسل لا مدلس.

والتحقيق فيه التفصيل وهو: أن مَن ذُكر بالتدليس أو الإرسال إذا ذَكر بالصيغة الموهمة عمن لقيه فهو تدليس، أو عمن أدركه ولم يلقه فهو المرسل الخفي، أو عمن لم يدركه فهو مطلق الإرسال» انتهى كلام ابن حجر (٣).


(١) المخضرم: هو من أدرك الجاهلية والإسلام. «تاج العروس» (خ ض ر م).
(٢) «الكفاية» (ص: ٣٨٤).
(٣) «النكت على كتاب ابن الصلاح» (٢/ ٦٢٣).

<<  <   >  >>