للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ضرب الخطيب أمثلة لرواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه فقال في «الكفاية»: «وأما رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه، فمثاله رواية الحجاج بن أرطاة، وسفيان الثوري، وشعبة، عن الزهري» (١).

فإذا صح كلام ابن حجر من أن الخطيب يفرق بين التدليس والإرسال الخفي، تكون رواية الحجاج بن أرطاة وغيره عن الزهري ليست تدليسًا عند الخطيب، ولكن قال الخطيب في ترجمة حجاج بن أرطاة من «تاريخ بغداد»: «وكان مدلِّسًا، يروي عمن لم يلقه» (٢).

والخطيب في ذلك موافق لمن سبقه من أهل الحديث؛ فإنهم قد يطلقون على رواية الرجل عمن أدركه ولم يسمع منه أنها تدليس، ومن أمثلة ذلك:

١ - قال مهنّا: قلت لأحمد ويحيى: حدَّثوني عن عبد المجيد بن أبي رواد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ أُمةٍ فرعون، وفرعونُ هذه الأُمة معاويةُ بن أبي سفيان» (٣).

فقالا جميعًا: «ليس بصحيح، وليس يُعرف هذا الحديث من أحاديث عبيد الله، ولم يسمع عبد المجيد بن أبي رواد من عبيد الله شيئًا، ينبغي أن

يكون عبد المجيد دلَّسه؛ سمعه من إنسان، فحدَّث به» (٤).


(١) «الكفاية» (ص: ٣٨٤).
(٢) «تاريخ بغداد» (٩/ ١٣٣).
(٣) لم أجد من أخرجه فيما لديَّ من مصادر، وعلقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ٢٧٩) عن عبد المجيد به، وذكر كلام أحمد ويحيى ثم قال: «كان الحميدي يتكلم في عبد المجيد، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك. وقد رُوي نحو حديث ابن عمر من حديث أبي ذر ولا يصح».
(٤) «المنتخب من علل الخلال» (١/ ٢٢٧ رقم ١٣٥).

<<  <   >  >>