للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفي يقول: لما مضيت إلى أبي الربيع الزهراني إلى البصرة لأسمع منه الحديث، وكان رأيه رأي الصوفية، ضربت الباب، فقالت الجارية: هو على حاجة، فقلت لها: قولي له: صوفي بغدادي صاحب حديث! فقال: افتحي له. فدخلت إليه، فقال: إذا كان الصوفي بغداديًّا صاحب حديث فهو الزبد بالنِّرْسيان، ادن يا غلام، ثم ناولني لقمة فالوذ، ثم قال لي: كل. ثم قال: اكتب: حدثني فليح بن سليمان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لقم أخاه المسلم لقمة حلوى، لا يرجو بها خيره ولا يتقي بها شره، لا يريد بها إلا الله، وقاه الله مرارة الموقف يوم القيامة» (١).

فبانت لنا علة الحديث الأول؛ إذ الحمل فيه على محمد بن الفَرُّخان، ونرى أن الفقاعي عنه رواه، وسقط اسم محمد بن الفَرُّخان من كتاب شيخنا المقدسي (٢)، والله أعلم.

وقد بينَّا حال ابن الفَرُّخان فيما تقدم من كتابنا (٣) وأنه ذاهب الحديث، وأما الخلاف في الإسناد بين رواية الفقاعي وابن السَّوْطي فغير ممتنع أن يكون من جهة ابن الفَرُّخان، وأنه كان يرويه على ما يتفق له، أو من جهة ابن السَّوْطي فإنه أيضًا ظاهر التخليط، والله أعلم» (٤).

يتبين من نقد الخطيب لهذا الحديث أن قوله: «إسناده صحيح» معناه: صحيح في ظاهر الأمر، وعند البحث والتفتيش تبين أنه إسناد ضعيف جدًّا؛ إذ سقط من إسناده ابن الفَرُّخان وهو ذاهب الحديث.


(١) أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» (١٣٩٩) من طريق الخطيب.
(٢) هو أبو نصر أحمد بن إبراهيم المقدسي المتقدم في الإسناد قبل السابق، ولم أجد له ترجمة.
(٣) ينظر: «تاريخ بغداد» (٤/ ٢٨١).
(٤) «تاريخ بغداد» (٥/ ١٣٥).

<<  <   >  >>