للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتفق أنه قرأ يومًا على الناس فضائل الصحابة، فثار عليه الروافض وأتباع الفاطميين - وكانت دمشق يومئذ تحت سيطرتهم - وأرادوا قتله، فتشفَّع

بالشريف أبي القاسم علي بن إبراهيم بن أبي الجِنِّ العلوي (١)، فأجاره، وحذَّر الوالي من قتله وقال له: «هذا رجل مشهور بالعراق، وليس في قتله مصلحة، إن قتلته، قُتل به جماعة من الشيعة بالعراق، وخُرِّبت المشاهد».

فاكتفى الوالي بإخراجه من دمشق، فخرج منها في يوم الاثنين الثامن عشر من صفر سنة تسع وخمسين وأربعمائة قاصدًا مدينة صور (٢).

وفي صور اتصل بعز الدولة وتقرَّب منه، فانتفع به، وأعطاه مالًا كثيرًا (٣). وكان يتردد إلى القدس للزيارة ثم يعود إلى صور (٤).

عودة الخطيب إلى بغداد:

لقد تبوَّأ الخطيب في صور مكانة علمية عالية، وازدحم الطلبة من كل مكان عليه، إلا أنه كان يشتاق إلى بغداد، التي لم يكن ليفارقها لولا الظروف الصعبة التي أحاطت به، قال السمعاني: «سمعت بعض مشايخي يقول: دخل


(١) هو أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن أبي الجن الشريف العلوي، من أهل دمشق، كان سيدًا شريفًا محتشمًا جليل القدر سنِّيًّا حسن السيرة، خرَّج له الإمام أبو بكر الخطيب الحافظ الفوائد، وعُمِّر حتى حدث بها وبغيرها، توفي سنة ثمان وخمسمائة بدمشق. «الأنساب» للسمعاني (٣/ ٣٦١).
(٢) ينظر: «معجم الأدباء» (١/ ٣٩٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٨١ - ٢٨٢)، و «البداية والنهاية» (١٦/ ٢٨)، و «الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث» (ص: ٥٠ - ٥٢)، ومقدمة تحقيق «تاريخ بغداد» للدكتور بشار (ص: ٣٤ - ٣٥).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٧٤).
(٤) «معجم الأدباء» (١/ ٣٨٤).

<<  <   >  >>