للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: دعوى أن حفظه لم يكن على قدر تصانيفه:

فقد قال ابن طاهر: سألتُ هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: «لا، كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب، كانت له بادرة وحشة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه» (١).

وابن طاهر هو محمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل المقدسي، حافظ للحديث، لكنه متكلَّم فيه، قال ابن الجوزي: «من أثنى عليه فلأجل حفظه للحديث ومعرفته به، وإلا فالجرح أولى به». ثم نقل عن أبي الفضل بن ناصر أنه قال: «محمد بن طاهر لا يُحتج به، صنَّف كتابًا في جواز النظر إلى المُرْد» (٢).

وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي حافظ رحَّال، قال السمعاني: «كان ثقة خيِّرًا، كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه، خرَّج وأفاد، وانتفع الطلبة بصحبته وبقراءته، وكان قدومه بغداد في سنة سبع وخمسين» (٣).

وهذا النقل -على فرض صحته- لا يدل على ضعف حفظ الخطيب، بل يدل على زيادة تثبُّته، وليس الحافظ من يقدر على سرد كثير من الأسانيد والمتون، وهو قاصر في تخريج الحديث، وتمييز صحيحه من سقيمه، ومعرفة علله، إنما الحفظ المعرفة (٤).


(١) «معجم الأدباء» (١/ ٣٩٠)، و «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٨٣).
(٢) «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (١٧/ ١٣٦).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ١٧ - ١٨).
(٤) ينظر: «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» للسخاوي (١/ ٨٩).

<<  <   >  >>