ومن مثل هذا المعنى من كتاب الله قول الله عز وجل: [إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم انك لرسوله، والله يشهد ان المنافقين لكاذبون (١)] فحقن رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم بما أظهروا من الاسلام، وأقرهم على المناكحة والموارثة، وكان الله أعلم بدينهم بالسرائر، فأخبره الله أنهم في النار، فقال: [ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار (٢)]. وهذا يوجب على الحكام ما وصفت: من ترك الدلالة الباطنة، والحكم بالظاهر من القول أو البينة أو الاعتراف أو الحجة. ودل أن عليهم أن ينتهوا إلى ما انتهي بهم اليه، كما انتهى رسول الله صلي الله عليه وسلم في المتلاعنين إلى ما انتهى به اليه. ولم يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الله، وأمضاه على الملاعنة، بما ظهر له من صدق زوجها عليها بالاستدلال بالولد -: أن يحدها حد الزانية. فمن بعده من الحكام أولى أن لا يحدث في شئ، لله فيه حكم، أو لرسوله (٣) صلى الله عليه وسلم -: غير ما حكما به بعينه، أو ما كان في معناه. === (١) سورة المنافقون (١). (٢) سورة النساء (١٤٥). (٣) في الأم «ولا لرسوله» وهو خطأ واضح.