الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
هذا الكتاب (الرسالة) للشافعي.
وكفى الشافعي مدحا أنه الشافعي.
وكفى (الرسالة) تقريظا أنها تأليف الشافعي.
وكفاني فخرا أن أنشر بين الناس علم الشافعي.
[مع إعلامهم نهيه عن تقليده وتقليد غيره](١).
ولو جاز لعالم أن يقلد عالما كان أولى الناس عندي أن يقلد -: الشافعي.
فإني أعتقد - غير غال ولا مسرف - أن هذا الرجل لم يظهر مثله في علماء الاسلام، في فقه الكتاب والسنة، ونفوذ النظر فيهما ودقة الاستنباط. مع قوة العارضة، ونور البصيرة، والايداع في إقامة الحجة وإفحام مناظره. فصيح اللسان، ناصع البيان، في الذروة العليا من البلاغة. تأدب بأدب البادية، وأخذ العلوم والمعارف عن أهل الحضر، حتى سما عن كل عالم قبله وبعده. نبغ في الحجاز، وكان الى علمائه مرجع الرواية والسنة، وكانوا أساطين العلم في فقه القران، ولم يكن الكثير منهم أهل لسن وجدل، وكادوا يعجزون عن مناظرة أهل الرأي، فجاء هذا الشاب يناظر وينافح، ويعرف كيف يقوم بحجته، وكيف يلزم أهل الرأي وجوب اتباع السنة، وكيف يثبت لهم الحجة في خبر الواحد، وكيف
(١) اقتباس من كلام المزني في أول مختصره بحاشية الام (ج ١ ص ٢).