والصحيح الراجح عندنا ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، من أن الإمام إذا صلى جالسا لعذر وجب على المأمومين أن يصلوا وراءه جلوسا، على حديث أنس وعائشة، الذين مضيا برقمي (٦٩٦ و ٦٩٧) وأن دعوى النسخ لا دليل عليها، بل هذا الحكم محكم. ومما قلنا في ذلك في تعليقنا على المحلى: «ودعوى النسخ يردها سياق أحاديث الأمر بالقعود وألفاظها، فان تأكيد الأمر بالقعود بأعلى ألفاظ التأكيد، مع الانكار عليهم بأنهم كادوا يفعلون فعل فارس والروم -: يبعد معهما النسخ، إلا إن ورد نص صريح يدل على إعفائهم من الأمر السابق، وأن علة التشبه بفعل الأعاجم زالت، وهيهات أن يوجد هذا النص، بل كل ما زعموه للنسخ هو حديث عائشة - أعني في صلاة النبي في مرض موته مع أبي بكر - ولا يدل على شيء مما أرادوا. ثم إن في الأحاديث التصريح بايجاب صلاة المأموم قاعدا، مع النص على أن هذا بناء على أن الإمام إنما جعل ليؤتم به، ولا يزال الامام إماما، والمأموم ملزما بالائتمام به في كل أفعال صلاته، وأمرنا بعدم الاختلاف عليه، لأنه جنة للمصلين، ولا اختلاف أكثر من عدم متابعته في أركان الصلاة. ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل اتباع الامام في الجلوس إذا صلى جالسا -: من طاعة الأئمة الواجبة دائما، إذ هي من طاعة الله، فقد روى الطيالسي (رقم ٢٥٧٧) والطحاوي من طريقه (٢٣٥: ١) عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال: سمعت أبا علقمة يحدث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصي الأمير فقد عصاني، فان صلى قاعدا فصلوا قعودا، الحديث. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرج الشيخان أوله. وهذا قوي في رد دعوى النسخ، والحمد لله على توفيقه». (١) كلمه «قال» لم تذكر في ب. وفي س و ج «قال الشافعي» وكلها مخالف للأصل. (٢) في س و ج «وضعنا» وهو مخالف للأصل.