للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصحبة من أسامة وأبو هريرة أسَنُّ وأحفَظُ مَنْ روَى الحديث (١) في دَهْرِهِ

٧٧٣ - ولَمَّا كان حديثُ اثنين أوْلَى في الظاهر بالحفظ (٢) وبأن يُنْفَى عنه الغَلَطُ من حديثٍ واحد كان حديثُ الأكثر (٣) الذي هو أشبه أن يكون أوْلَى بالحفظ مِن حديث مَن هو أحدَثُ منه وكان حديث خمسةٍ أولى أن يُصارَ إليه (٤) مِن حديث واحد (٥)


(١) في ج «من رواة الحديث» وهو مخالف للأصل.
(٢) في ب و ج «باسم الحفظ» وهو مخالف للأصل وغير جيد.
(٣) في نسخة ابن جماعة «الأكبر» بالباء الموحدة، ووضع فوقها «صح» وتبعتها النسخ المطبوعة، والصواب ما في الأصل «الأكثر» بالثاء المثلثة، ونقطها واضح فيه جدا. والذي ألجأهم إلى التغيير بالباء الموحدة قوله «أولى بالحفظ من حديث من هو أحدث منه» لتتم المقابلة وتظهر، ولكن طرق الشافعي في كلامه غير ما يظنون، فإنه يشير إلى الشيء ثم يصرح به، وقد يشير ولا يصرح، على عادة الفصحاء البلغاء، فقد أشار بقوله «الأكثر» إلى الترجيح بالعدد، ثم بقوله «من هو أحدث منه» إلى الترجيح بالسن، فجمع بينهما في قولة واحدة، ثم عاد بعد ذلك فأكد الترجيح بالكثرة صريحا، وعين عددها وأنه خمسة، وهذا - كما قال الشافعي فيما مضى (رقم ٦٤٦) - كلام عربي!!
وقوله «الذي هو أشبه» الخ خبر «كان».
(٤) في نسخة ابن جماعة والنسخ المطبوعة زيادة «عندنا» وهي مزيدة بين السطور في الأصل بخط جديد.
(٥) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٣١٨: ٤ - ٣١٩): «والصرف: دفع ذهب وأخذ فضة وعكسه، وله شرطان: منع النسيئة مع اتفاق النوع واختلافه، وهو المجمع عليه، ومنع التفاضل في النوع الواحد منهما. وهو قول الجمهور، وخالف فيه ابن عمر، ثم رجع، وابن عباس، واختلف في رجوعه، وقد روى الحاكم من طريق حيان العدوي، وهو بالمهملة والتحتانية -: سألت أبا مجلز عن الصرف؟ فقال: كان ابن عباس لا يرى به بأسا، زمانا من عمره، ما كان منه عينا بعين يدا بيد، وكان يقول: إنما الربا في النسيئة، فلقيه أبو سعيد، فذكر القصة والحديث، وفيه: التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة -: يدا بيد، مثلا بمثل، فمن زاد فهو ربا. فقال ابن عباس: أستغفر الله وأتوب اليه، فكان ينهي عنه أشد النهي. واتفق العلماء على صحة حديث اسامة، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد، فقيل: منسوخ، لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقيل:
المعنى في قوله: لا ربا: الربا الأغلظ الشديد التحريم، المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل، لا نفي الأصل، وأيضا: فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة انما هو بالمفهوم، فيقدم عليه حديث أبي سعيد، لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر، كما تقدم، والله أعلم».
وهذا الذي قال الحافظ أدق تلخيص لاختلاف أنظارهم في الجمع بين الحديثين، وما قال الشافعي هنا أعلى وأرجح عندنا، وهو نحو الذي قاله في اختلاف الحديث (ص ٢٤١ - ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>