ولد سنة ١٥٠ بغزة، ومات ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة بعد العصر آخر يوم من رجب سنة ٢٠٤ (١)(الجمعة ٢٩ رجب سنة ٢٠٤ يوافق ١٩ يناير سنة ٨٢٠ ميلادية، ٢٣ طوبة سنة ٥٣٦ قبطية).
وليس الشافعي ممن يترجم له في أوراق أو كراريس، وقد ألف العلماء الائمة في سيرته كتبا كثيرة وافية، وجد بعضها وفقد أكثرها. ولعلنا نوفق إلى أن نجمع ما تفرق من أخباره في الكتب والدواوين، في سيرة خاصة به، إن شاء الله.
وقد يفهم بعض الناس من كلامي عن الشافعي أني أقول عن تقليد أو عصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة، من تفرقهم شيعا وأحزابا علمية، مبنية على العصبية المذهبية، مما أضر بالمسلمين وأخرهم عن سائر الامم، وكان السبب الاكبر في زوال حكم الاسلام عن بلاد المسلمين، حتى صاروا يحكمون بقوانين تخالف دين الاسلام، خنعوا لها واستكانوا، في حين كان كثير من علمائهم يأبون الحكم بغير المذهب الذي يتعصبون له ويتعصب له الحكام في البلاد. ومعاذ الله أن أرضى لنفسي خلة أنكرها على الناس، بل أبحث وأجد، وأتبع الدليل الصحيح حيثما وجد. وقد نشأت في طلب العلم وتفقهت على مذهب أبي حنيفة، ونلت شهادة العالمية من الازهر الشريف حنفيا، ووليت القضاء منذ عشرين سنة أحكم كما يحكم إخواني بما أذن لنا في الحكم به من مذهب الحنفية. ولكني بجوار هذا بدأت دراسة السنة النبوية أثناء طلب العلم، من نحو ثلاثين سنة، فسمت كثيرا وقرأت كثيرا، ودرست أخبار العلماء والائمة، ونظرت في أقوالهم وأدلتهم، لم أتعصب لواحد منهم، ولم أحد عن سنن الحق فيما بدا لي، فان أخطأت فكما يخطئ الرجل، وإن أصبت فكما يصيب الرجال. أحترم رأيي ورأي غيري، وأحترم ما أعتقده حقا قبل كل شئ وفوق كل شئ. فعن هذا قلت ما قلت واعتقدت ما أعتقد في الشافعي، رحمه الله ورضى عنه.
(١) ذكر المرحوم مختار باشا في التوفيقات الالهامية أن الشافعي مات في ٤ شعبان، وهو خطأ.