عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ٣] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» "، فَهَذِهِ أَدِلَّةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا.
فَتَأَمَّلْ أَدِلَّةَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَجِدْهَا فَوْقَ عَدِّ الْعَادِّينَ، حَتَّى إِنَّكَ تَجِدُ فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى اخْتِصَارِ لَفْظِهَا عِدَّةَ أَدِلَّةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] ، فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ عِدَّةُ أَدِلَّةٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ} [يس: ٨٢] وَهَذَا أَمْرُ التَّكْوِينِ الَّذِي لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ أَمْرُ الْمُكَوَّنِ بَلْ يَعْقُبُهُ الثَّانِي: {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} [يس: ٨٢] (وَإِذَا) تَخَلَّصَ الْفِعْلُ لِلِاسْتِقْبَالِ الثَّالِثِ: {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] ، (وَأَنْ) تُخَلِّصُ الْمُضَارِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ الرَّابِعِ: {أَنْ يَقُولَ} [يس: ٨٢] فِعْلٌ مُضَارِعٌ إِمَّا لِلْحَالِ عَامًّا لِلِاسْتِقْبَالِ، الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: (كُنْ) وَهُمَا حَرْفَانِ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَعْقُبُهُ الثَّانِي، السَّادِسُ: قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ) ، وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ عَقِبَ قَوْلِهِ: (كُنْ) سَوَاءٌ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] فَهُوَ سُبْحَانُهُ إِنَّمَا كَلَّمَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَادَيْنَاهُ} [مريم: ٥٢] ، {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ} [القصص: ٦٢] ، وَقَوْلُهُ: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٢] ، فَالنِّدَاءُ إِنَّمَا حَصَلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَقَوْلُهُ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢١٠] ، {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢] ، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] ، {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} [الإسراء: ١٦] ، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧] ، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] ، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: ٢٨] ، {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٧] ، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ - وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: ٥ - ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute