للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيُقَالُ لَهُ: اصْرِفْ عِنَايَتَكَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ وَتَتَبُّعِهِ وَجَمْعِهِ وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِ نَقَلَتِهِ وَسِيرَتِهِمْ، وَأَعْرِضْ عَمَّا سِوَاهُ وَاجْعَلْهُ غَايَةَ طَلَبِكَ وَنِهَايَةَ قَصْدِكَ، بَلِ احْرِصْ عَلَيْهِ حِرْصَ أَتْبَاعِ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَذَاهِبِ أَئِمَّتِهِمْ بِحَيْثُ حَصَلَ لَهُمُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهَا مَذَاهِبُ أَئِمَّتِهِمْ بِحَيْثُ حَصَلَ لَهُمُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهَا مَذَاهِبُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ، وَلَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُنْكِرٌ لَسَخِرُوا مِنْهُ (وَحِينَئِذٍ) تَعْلَمُ هَلْ تُفِيدُ أَخْبَارُ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلْمَ أَوْ لَا تُفِيدُهُ فَأَمَّا مَعَ إِعْرَاضِكَ عَنْهَا وَعَنْ طَلَبِهَا فَهِيَ لَا تُفِيدُكَ عِلْمًا، وَلَوْ قُلْتَ: لَا تُفِيدُكَ أَيْضًا ظَنًّا لَكُنْتَ مُخْبِرًا بِحِصَّتِكَ وَنَصِيبِكَ مِنْهَا.

[فصل المقام الثامن انعقاد الإجماع على قبول أحاديث الآحاد]

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْمَقَامُ الثَّامِنُ: وَهُوَ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْمَعْلُومِ الْمُتَيَقَّنِ عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى بِهَا، فَهَذَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مَنْ لَهُ أَقَلُّ خِبْرَةٍ بِالْمَنْقُولِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ هُمُ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَهِ الْأَحَادِيثَ وَتَلَقَّاهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالْقَبُولِ وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا، ثُمَّ تَلَقَّاهَا عَنْهُمْ جَمِيعُ التَّابِعِينَ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، وَمَنْ سَمِعَهَا مِنْهُمْ تَلَقَّاهَا بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُمْ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْهُمْ تَلَقَّاهَا عَنِ التَّابِعِينَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَابِعُ التَّابِعِينَ مَعَ التَّابِعِينَ.

هَذَا أَمْرٌ يَعْلَمُهُ ضَرُورَةً أَهْلُ الْحَدِيثِ كَمَا يَعْلَمُونَ عَدَالَةَ الصَّحَابَةِ وَصِدْقَهُمْ وَأَمَانَتَهُمْ وَنَقْلَهُمْ ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَقْلِهِمُ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَأَعْدَادَ الصَّلَوَاتِ وَأَوْقَاتِهَا، وَنَقْلِ الْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، فَإِنَّ الَّذِينَ نَقَلُوا هَذَا هُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ، فَإِنْ جَازَ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ وَالْكَذِبُ فِي نَقْلِهَا جَازَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي نَقْلِ غَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَا (وَحِينَئِذٍ) فَلَا وُثُوقَ لَنَا بِشَيْءٍ نُقِلَ لَنَا عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَتَّةَ، وَهَذَا انْسِلَاخٌ مِنَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَالْعَقْلِ، عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقَادِحِينَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ قَدْ طُرِدُوا وَقَالُوا: لَا وُثُوقَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْبَتَّةَ.

قَالُوا: وَأَظْهَرُ شَيْءٍ الْآذَانُ وَالْإِقَامَةُ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِيهِمَا، هَلْ يُرَجِّعُ أَمْ لَا؟ وَيُثَنِّي الْإِقَامَةَ أَوْ يُفْرِدُ؟ ، وَهَذَا تَشَهُّدُ الصَّلَاةِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ جَهْرُهُ بِالْبَسْمَلَةِ وَإِخْفَاؤُهَا، وَهُوَ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ، يُفْعَلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ بِحَضْرَةِ الْجَمْعِ.

<<  <   >  >>