للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّامِنُ: بَيَانُ الْإِجْمَاعِ الْمَعْلُومِ عَلَى قَبُولِهَا وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ بِهَا.

التَّاسِعُ: بَيَانُ أَنَّ قَوْلَهُمْ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ، قَضِيَّةٌ كَاذِبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ إِنْ أُخِذَتْ عَامَّةً كُلِّيَّةً، وَإِنْ أُخِذَتْ خَاصَّةً جُزْئِيَّةً لَمْ تَقْدَحْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِجُمْلَةِ أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى الصِّفَاتِ.

الْعَاشِرُ: جَوَازُ الشَّهَادَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَخْبَارُ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِهَا عَنِ اللَّهِ.

أَمَّا الْمَقَامُ الْأَوَّلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ.

[المقام الثاني موافقة القرآن للحديث]

وَأَمَّا الْمَقَامُ الثَّانِي، فَنَقُولُ هَذِهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا الْبَابِ يُوَافِقُهَا الْقُرْآنُ، وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، فَهِيَ مَعَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلَةِ الْآيَةِ مَعَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ مَعَ الْحَدِيثِ الْمُتَّفِقَيْنِ، وَهُمَا كَمَا قَالَ النَّجَاشِيُّ فِي الْقُرْآنِ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُطَابَقَةَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ لِلْقُرْآنِ وَمُوَافَقَتَهَا لَهُ أَعْظَمُ مِنْ مُطَابَقَةِ التَّوْرَاةِ لِلْقُرْآنِ.

فَلَمَّا كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَالْقُرْآنَ يَخْرُجَانِ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ فَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَةً عَلَى الْقَطْعِ وَالْبَتِّ، إِذْ شَهِدَ خُصُومُنَا شَهَادَةَ الزُّورِ أَنَّهَا تُخَالِفُ الْعَقْلَ وَمَا يَضُرُّهَا أَنْ تُخَالِفَ تِلْكَ الْعُقُولَ الْمَنْكُوسَةَ إِذَا وَافَقَتِ الْكِتَابَ وَفِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَيْهَا وَالْعُقُولَ الْمُؤَيَّدَةَ بِنُورِ الْوَحْيِ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ بِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ لِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى.

فَإِذَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ لِلَّهِ عِلْمًا وَقُدْرَةً، فَذَكَرْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ " وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ» " كَانَ هَذَانِ الْخَبَرَانِ مَعَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلَةِ الْآيَةِ مَعَ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ " «أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي» " وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ " «إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ» "

<<  <   >  >>