{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ - وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ - أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ - وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: ١١٢ - ١١٧] .
[فصل فِي بَيَانِهِ أَنَّهُ مَعَ كَمَالِ عِلْمِ الْمُتَكَلِّمِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيدَ بِكَلَامِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ]
فَصْلٌ
فِي بَيَانِهِ أَنَّهُ مَعَ كَمَالِ عِلْمِ الْمُتَكَلِّمِ وَفَصَاحَتِهِ وَبَيَانِهِ وَنُصْحِهِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيدَ بِكَلَامِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ
وَيُكْتَفَى مِنْ هَذَا الْفَصْلِ بِذِكْرِ مُنَاظَرَةٍ جَرَتْ بَيْنَ جَهْمِيٍّ وَسُنِّيٍّ حَدَّثَنِي بِمَضْمُونِهَا شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّهُ جَمَعَهُ وَبَعْضُ الْجَهْمِيَّةِ مَجْلِسٌ فَقَالَ الشَّيْخُ: قَدْ تَطَابَقَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ عَلَى إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ لِلَّهِ، وَتَنَوَّعَتْ دَلَالَتُهَا أَنْوَاعًا تُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِثُبُوتِهَا وَإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ اعْتِقَادَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذِكْرِ الصِّفَاتِ، وَالسُّنَّةُ نَاطِقَةٌ بِمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَمُقَرِّرَةٌ لَهُ، مُصَدِّقَةٌ لَهُ، مُشْتَمِلَةٌ عَلَى زِيَادَةٍ فِي الْإِثْبَاتِ، فَتَارَةً يَذْكُرُ الِاسْمَ الدَّالَّ عَلَى الصِّفَةِ كَالسَّمِيعِ الْبَصِيرِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَتَارَةً يَذْكُرُ الْمَصْدَرَ، وَهُوَ الْوَصْفُ الَّذِي اشْتُقَّتْ مِنْهُ تِلْكَ الصِّفَةُ كَقَوْلِهِ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٦] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨] وَقَوْلِهِ: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤] وَقَوْلِهِ: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢] وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " «حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» " وَقَوْلِهِ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ: " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» " وَقَوْلِهِ: " «أَسْأَلُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute