للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَضَلَالَةٍ، وَتِلْكَ الشُّبُهَاتُ مَسْطُورَةٌ فِي شَرْحِ الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ وَمَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ مُتَفَرِّقَةً عَلَى شَكْلِ مُنَاظَرَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ، قَالَ: كَمَا نُقِلَ عَنْهُ: إِنِّي سَلَّمْتُ أَنَّ الْبَارِي إِلَهِي وَإِلَهِ الْخَلْقِ عَالَمٌ قَادِرٌ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَإِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: ١١٧] وَهُوَ حَكِيمٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ عَلَى مَسَاقِ حِكْمَتِهِ أَسْئِلَةٌ سَبْعَةٌ: أَوَّلُهَا: قَدْ عُلِمَ قَبْلَ خَلْقِي أَيُّ شَيْءٍ يَصْدُرُ عَنِّي وَيَحْصُلُ، فَلِمَ خَلَقَنِي أَوَّلًا وَمَا الْحِكْمَةُ فِي خَلْقِهِ إِيَّايَ؟ .

الثَّانِي: إِذْ خَلَقَنِي عَلَى مُقْتَضَى إِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، فَلِمَ كَلَّفَنِي بِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ؟ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي التَّكْلِيفِ بَعْدَ أَلَّا يَنْتَفِعَ بِطَاعَتِهِ وَلَا يَتَضَرَّرَ بِمَعْصِيَتِهِ؟

الثَّالِثُ: إِذْ خَلَقَنِي وَكَلَّفَنِي فَالْتَزَمْتُ تَكْلِيفَهُ بِالْمَعْرِفَةِ وَالطَّاعَةِ فَعَرَفْتُ وَأَطَعْتُ، فَلِمَ كَلَّفَنِي بِطَاعَةِ آدَمَ وَالسُّجُودِ لَهُ؟ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي هَذَا التَّكْلِيفِ عَلَى الْخُصُوصِ بَعْدَ أَنْ لَا يَزِيدَ ذَلِكَ فِي طَاعَتِي وَمَعْرِفَتِي؟

الرَّابِعُ: إِذْ خَلَقَنِي وَكَلَّفَنِي عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَلَّفَنِي هَذَا التَّكْلِيفَ عَلَى الْخُصُوصِ، فَإِذَا لَمْ أَسْجُدْ لَعَنَنِي وَأَخْرَجَنِي مِنَ الْجَنَّةِ، مَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ إِذْ لَمْ أَرْتَكِبْ قَبِيحًا إِلَّا قَوْلِي: لَا أَسْجُدُ إِلَّا لَكَ؟

الْخَامِسُ: إِذْ خَلَقَنِي وَكَلَّفَنِي مُطْلَقًا وَخُصُوصًا وَلَمْ أُطِعْ فَلَعَنَنِي وَطَرَدَنِي فَلِمَ طَرَقَنِي إِلَى آدَمَ حَتَّى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ثَانِيًا، وَغَرَرْتُهُ بِوَسْوَسَتِي فَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ مَعِي، وَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ، بَعْدَ أَنْ لَوْ مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ لَاسْتَرَاحَ مِنِّي وَبَقِيَ خَالِدًا فِي الْجَنَّةِ؟

السَّادِسُ: إِذْ خَلَقَنِي كَلَّفَنِي عُمُومًا وَخُصُوصًا وَلَعَنَنِي ثُمَّ طَرَقَنِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَكَانَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ آدَمَ، فَلِمَ سَلَّطَنِي عَلَى أَوْلَادِهِ حَتَّى أَرَاهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنِي، وَتُؤَثِّرُ فِيهِمْ وَسْوَسَتِي وَلَا يُؤَثِّرُ فِيَّ حَوْلَهُمْ وَقُوَّتَهُمْ وَقُدْرَتَهُمْ وَاسْتِطَاعَتَهُمْ، وَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَوْ خَلَقَهُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ دُونَ مَنْ يَجْتَالُهُمْ عَنْهَا فَيَعِيشُوا طَاهِرِينَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ كَانَ أَحْرَى وَأَلْيَقَ بِالْحِكْمَةِ؟

السَّابِعُ: سَلَّمْتُ هَذَا كُلَّهُ، خَلَقَنِي وَكَلَّفَنِي مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، وَحَيْثُ لَمْ أُطِعْ لَعَنَنِي وَطَرَدَنِي، وَمَكَّنَنِي مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَطَرَقَنِي وَإِذْ عَمِلْتُ عَمَلًا أَخْرَجَنِي، ثُمَّ سَلَّطَنِي عَلَى

<<  <   >  >>