فَكَانَ» " وَهَذَا التَّخْصِيصُ إِنَّمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] فَلَوْ كَانَ مِثْلَ قَوْلِهِ: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: ٧١] لَكَانَ هُوَ وَالْأَنْعَامُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً.
فَلَمَّا فَهِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ قَوْلَهُ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] يُوجِبُ لَهُ تَخْصِيصًا وَتَفْضِيلًا بِكَوْنِهِ مَخْلُوقًا بِالْيَدَيْنِ عَلَى مَنْ أُمِرَ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ، وَفَهِمَ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَوْقِفِ حِينَ جَعَلُوهُ مِنْ خَصَائِصِهِ، كَانَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١] خَطَأً مَحْضًا، كَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «يَقْبِضُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ بِيَدِهِ وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى» " وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يُغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقِسْطُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ» " وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، فِي أَعْلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً: " «أُولَئِكَ الَّذِينَ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدَيَّ وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا» ".
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «خَلَقَ اللَّهُ جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» "، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute