" «الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ» "، وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: " «فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ غَيْرِي» " وَإِذَا ضَمَمْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧] إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ " وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ يَدَهُ وَيَبْسُطُهَا» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يُحْكَى عَنْ رَبِّهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَالَ: " «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ يُقِيمُهُ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ» "، وَلَفْظَةُ " بَيْنَ " لَا تَقْتَضِي الْمُخَالَطَةَ وَلَا الْمُمَاسَّةَ وَالْمُلَاصَقَةَ لُغَةً وَلَا عَقْلًا وَلَا عُرْفًا، قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤] وَهُوَ لَا يُلَاصِقُ السَّمَاءَ وَلَا الْأَرْضَ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: " «وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي، فَقَالَ عُمَرُ، حَسْبُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، دَعْنِي يَا عُمَرُ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ كُلَّنَا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ عُمَرُ» "، فَصَدَّقَهُ فِي إِثْبَاتِ الْكَفِّ لِلَّهِ وَسَعَتِهَا وَعَظَمَتِهَا.
فَهَذَا الْقَبْضُ وَالْبَسْطُ وَالطَّيُّ وَالْيَمِينُ وَالْأَخْذُ وَالْوُقُوفُ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَالْكَفُّ وَتَقْلِيبُ الْقُلُوبِ بِأَصَابِعِهِ وَوَضْعُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَذَكَرَ إِحْدَى الْيَدَيْنِ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى مُمْتَنِعٌ فِيهِ الْيَدُ الْمَجَازِيَّةُ سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ أَوْ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ، فَإِنَّهَا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا هَذَا التَّصَرُّفُ، هَذِهِ لُغَةُ الْعَرَبِ، نَظْمُهُمْ وَنَثْرُهُمْ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا ذَلِكَ أَصْلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute