للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَيْثُ شِئْتَ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ فَانْصَرَفْنَا وَقَالَ: " هَا إِنَّ ذَيْنِ هَا إِنَّ ذَيْنِ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ إِنْ حَدَثَتْ، أَلَا إِنَّهُمْ إِنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةَ فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ الْحَدَادِيَةِ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " بَنِي الْمُنْتَفِقِ أَهْلُ ذَلِكَ، قَالَ: فَانْصَرَفْنَا وَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِأَحَدٍ مِمَّا مَضَى مِنْ خَيْرٍ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ لَفِي النَّارِ، فَلَكَأَنَّهُ وَقَعَ حَرٌّ بَيْنَ جِلْدِي وَوَجْهِي مِمَّا قَالَ لِأَبِي عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ، فَقُلْتُ وَأَهْلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَتَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرِ عَامِرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ مِنْ مُشْرِكٍ فَقُلْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ يُبَشِّرُكَ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ وَبَطْنِكَ فِي النَّارِ "، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَكَانُوا يَحْسَبُونَهُمْ مُصْلِحِينَ، قَالَ: " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ فِي آخِرِ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيًّا، فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِينَ، وَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ» ".

هَذَا حَدِيثٌ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ، جَلَالَةُ النُّبُوَّةِ بَادِيَةٌ عَلَى صَفَحَاتِهِ تُنَادِي عَلَيْهِ بِالصِّدْقِ، صَحَّحَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، حَكَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ، ثُمَّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيِّ الْمَدَنِيِّ عَنْهُ، وَهُمَا مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، ثِقَتَانِ مُحْتَجٌّ بِهِمَا فِي الصَّحِيحِ، احْتَجَّ بِهِمَا الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، رَوَوْهُ فِي السُّنَّةِ وَقَابَلُوهُ بِالْقَبُولِ وَتَلَقَّوْهُ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ.

<<  <   >  >>