وَمِنْهَا: أَنَّ نَفْسَ التَّوْرَاةِ هِيَ نَفْسُ الْقُرْآنِ وَنَفْسُ الْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّأْوِيلَاتِ فَقَطْ.
وَمِنْهَا: أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ تَأْلِيفُ جَبْرَائِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ أَوْ مَخْلُوقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَنَزَلَ بِهِ جَبْرَائِيلُ مِنَ اللَّوْحِ لَا مِنَ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ أَقْوَالِهِمْ.
وَمِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ الْعَيْنَ الْقَدِيمَ يَجُورُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْإِدْرَاكَاتُ الْخَمْسُ فَيُسْمَعُ وَيُرَى وَيُشَمُّ وَيُذَاقُ وَيُلْمَسُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُرُوعِ الْبَاطِلَةِ سَمْعًا وَعَقْلًا وَفِطْرَةً.
وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَصَرِيحُ السُّنَّةِ وَالْمَعْقُولُ وَكَلَامُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ، وَهِيَ صِفَةُ ذَاتٍ وَفِعْلٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] فَإِذَا: تَخَلَّصَ الْفِعْلُ لِلِاسْتِقْبَالِ (وَأَنْ) كَذَلِكَ (وَنَقُولَ) فِعْلٌ دَالٌّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَكُنْ) حَرْفَانِ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَالَّذِي اقْتَضَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ هُوَ الَّذِي فِي صَرِيحِ الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} [الإسراء: ١٦] الْآيَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ هَاهُنَا أَمْرَ تَكْوِينٍ أَوْ أَمْرَ تَشْرِيعٍ فَهُوَ مَوْجُودٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الأعراف: ١١] وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمُ اسْجُدُوا بَعْدَ خَلْقِ آدَمَ وَتَصْوِيرِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣] الْآيَاتِ كُلِّهَا، فَكَمْ مِنْ بُرْهَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكَلُّمَ هُوَ الْخِطَابُ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ} [القصص: ٣٠] وَالَّذِي نَادَاهُ هُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: ١٤] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ} [القصص: ٦٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute