للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَصْحَابُهُ الْمُتَقَدِّمُونَ بَرِيئُونَ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ، وَنُصُوصُ أَحْمَدَ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّ الصَّوْتَ صَوْتُ الْعَبْدِ، فَقَالَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» "، قَالَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُحَسِّنُهُ بِصَوْتِهِ مَا اسْتَطَاعَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» ، «وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» " فَأَضَافَ الصَّوْتَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ «الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، مَا سَمِعْتُ صَوْتًا أَحْسَنَ مِنْهُ» ، فَأَضَافَ الصَّوْتَ إِلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] » ثُمَّ قَالَ:

بَابُ قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلَاوَتُهُمْ لَا تَجَاوَزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " «يَخْرُجُ أُنَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ» "، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ التِّلَاوَةُ وَالْأَدَاءُ وَمَا قَامَ بِهِمْ مِنَ الْأَصْوَاتِ، وَأَنَّهَا لَمْ تُجَاوِزْ حَنَاجِرَهُمْ، وَكَانَ الْبُخَارِيُّ قَدِ امْتُحِنَ بِهَذِهِ الْفِرْقَةِ، فَتَجَرَّدَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَبَالَغَ فِي

<<  <   >  >>