الْبِدَعِ يَتْرُكُونَهَا لِأَقْوَالِ النَّاسِ (وَمِنْهَا) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَعْرِضُونَ أَقْوَالَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ فَمَا وَافَقَهَا قَبِلُوهُ وَمَا خَالَفَهَا طَرَحُوهُ، وَأَهْلَ الْبِدَعِ يَعْرِضُونَهَا عَلَى آرَاءِ الرِّجَالِ، فَمَا وَافَقَ آرَاءَهَا مِنْهَا قَبِلُوهُ وَمَا خَالَفَهَا تَرَكُوهُ وَتَأَوَّلُوهُ (وَمِنْهَا) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَدْعُونَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى التَّحَاكُمِ إِلَيْهَا دُونَ آرَاءِ الرِّجَالِ وَعُقُولِهَا وَأَهْلَ الْبِدَعِ يَدْعُونَ إِلَى التَّحَاكُمِ إِلَى آرَاءِ الرِّجَالِ وَمَعْقُولَاتِهَا (وَمِنْهَا) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ إِذَا صَحَّتْ لَهُمُ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَوَقَّفُوا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا وَاعْتِقَادِ مُوجِبِهَا عَلَى أَنْ يُوَافِقَهَا مُوَافِقٌ، بَلْ يُبَادِرُونَ إِلَى الْعَمَلِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى مَنْ وَافَقَهَا أَوْ خَالَفَهَا، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِ، وَعَابَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: لَا أَعْمَلُ بِالْحَدِيثِ حَتَّى أَعْرِفَ مَنْ قَالَ بِهِ ذَهَبَ إِلَيْهِ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَقْبَلَهَا وَأَنْ يُعَامِلَهَا بِمَا كَانَ يُعَامِلُهَا بِهِ الصَّحَابَةُ حِينَ يَسْمَعُونَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُنْزِلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ عَلَامَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَهَا إِذَا ثَبَتَتْ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَائِنًا مَنْ كَانَ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ لَا يَنْتَسِبُونَ إِلَى مَقَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا إِلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الرَّسُولِ فَلَيْسَ لَهُمْ لَقَبٌ يُعْرَفُونَ بِهِ وَلَا نِسْبَةٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهَا، إِذَا انْتَسَبَ سِوَاهُمْ إِلَى الْمَقَالَاتِ الْمُحْدَثَةِ وَأَرْبَابِهَا كَمَا قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: السُّنَّةُ مَا لَا اسْمَ لَهُ سِوَى السُّنَّةِ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْمَقَالَةِ تَارَةً كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ، وَإِلَى الْقَائِلِ تَارَةً كَالْهَاشِمِيَّةِ وَالنَّجَّارِيَّةِ وَالضَّرَاوِيَّةِ، وَإِلَى الْفِعْلِ تَارَةً كَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ بَرِيئُونَ مِنْ هَذِهِ النِّسَبِ كُلِّهَا، وَإِنَّمَا نِسْبَتُهُمْ إِلَى الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ (وَمِنْهَا) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ إِنَّمَا يَنْصُرُونَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَالْآثَارَ السَّلَفِيَّةَ، وَأَهْلَ الْبِدَعِ يَنْصُرُونَ مَقَالَاتِهِمْ وَمَذَاهِبَهُمْ (وَمِنْهَا) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ إِذَا ذَكَرُوا السُّنَّةَ وَجَرَّدُوا الدَّعْوَةَ إِلَيْهَا نَفَرَتْ مِنْ ذَلِكَ قُلُوبُ أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: ٤٦] وَأَهْلَ الْبِدَعِ إِذَا ذَكَرْتَ لَهُمْ شُيُوخَهُمْ وَمَقَالَاتِهِمُ اسْتَبْشَرُوا بِهَا فَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: ٤٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute