للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَضْعِ قَاعِدَةٍ بَاطِلَةٍ لَهُ لِرَدِّ الْأَحَادِيثِ بِهَا بِقَوْلِهِمْ فِي كُلِّ حَدِيثٍ زَائِدٍ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ: هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، فَيَكُونُ نَسْخًا، وَالْقُرْآنُ لَا يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ، فَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، فَمَنْ رَدَّ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ بِغَيْرِ سُنَّةٍ تَكُونُ مُقَاوِمَةً لَهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْهَا نَاسِخَةً لَهَا، فَقَدْ رَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ وَحْيَ اللَّهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَابِهِ وَدِينِهِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَانَ فِي كِتَابِهِ الْفَرْضَ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ بَيَّنَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَرَادَ اللَّهُ، قَالَ: وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [يونس: ١٥] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس: ١٥] وَمِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِ آيَةٍ، أَخْبَرَنَا الدَّارَوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ» ".

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَقَالَ: لَا يُنْكِرُ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِذَلِكَ أُمِرَ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أُوحِيَ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ فِيهِ، فَمَنْ قَبِلَ مِنْهُ فَإِنَّمَا قَبِلَ بِفَرْضِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَنْ رَدَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ عَلَى شَفَى هَلَكَةٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] الْآيَةَ، وَأَيُّ فِتْنَةٍ إِنَّمَا هِيَ الْكُفْرُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦] فَلَمْ

<<  <   >  >>