القدرة التسخيرية هي المركب الثاني لـ"العمل الصالح" الذي هو صفة الفرد الذي تستهدف التربية الإسلامية إخراجه. وهي تعني القدرة على اكتشاف قوانين الخلق في الكون، والنفس واستثمارها في تطبيقات نافعة لبقاء النوع البشري ورقيه. وهذه القدرة هي ثمرة: تفاعل القدرات العقلية مع الخبرات الكونية، والنفسية اللتين استعرضناهما فيما مضى.
والقدرة التسخيرية التي توجه إليها مصادر التربية الإسلامية -خاصة القرآن الكريم- نوعان: قدرة تسخيرية في ميادين الكون، وهي القدرة على اكتشاف قوانين عناصر الكون، ثم تحويل هذه القوانين إلى تطبيقات وممارسات صائبة. وقدرة تسخيرية في ميدان النفس، وهي القدرة على اكتشاف قوانين السلوك الإنساني، وتفاعلاته في حياة الفرد أو ممارسات الجماعة، عبر الرحلة البشرية على الأرض، ثم الاستفادة من هذه القوانين في تعبئة طاقات الأفراد والجماعات لتحسين حياة الإنسان، والرقي بالنوع البشري وتأمين سلامته، حسب المنطلقات والمبادئ التي تتفق مع قوانين الخلق، وتوجيهات الوحي.
والقرآن يطلق على هذه القوانين اسم -السنن- ويحث الإنسان إلى البحث عنها، واكتشافها والتفكر بعملها، وتتبع آثارها في الوجود الكبير كله. ولقد استطاع الإنسان -حتى الوقت الحاضر- أن يقطع أشواطًا كبيرة في