٢- سلم الحاجات الإنسانية بين التطبيقات الإسلامية، والتطبيقات التي يوجه إليها علم النفس الحديث:
أدى الاختلاف القائم بين غايات سلم الحاجات الإنسانية في أصول التربية الإسلامية، وعلم النفس الحديث إلى اختلافات في التطبيقات. وتتمثل أبرز هذه الاختلافات في ما يلي:
أولا: توفير حاجات الطعام، والأمن للنوع البشري كله -في مقابل- توفيرها لجنس معين من النوع البشري:
في أصول التربية الإسلامية توجه تطبيقات سلم الحاجات الإنسانية إلى توفير حاجات الطعام، والأمن لجميع بني الإنسان سواء منهم المؤمنين أو الكافرين. فحين قصر إبراهيم عليه السلام دعاءه بالأمن، والثمرات وإيواء أفئدة الناس على "من آمن" من ذريته جاءه الجواب الإلهي {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا} . والقليل هنا هو فترة الحياة الدنيا، ووصف بالقلة لقصر زمنها إذا ما قورنت بالآخرة الأبدية اللامتناهية.
ويستنتج من هذا عدم جواز العبث والمساس بحاجات الغذاء والإيواء، والأمن بسبب الاختلاف في المعتقدات والسلوك والمواقف. فلا نفي ولا مصادرة ولا قطع لموارد العيش، ولا إيقاف عن العمل ولا اعتداء على الحريات والكرامات. وفي القرآن الكريم أن المناسبة في نزول قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٧٢] هي أن جماعة من المسلمين كانوا ينفقون على قوم من يهود قريظة، والنضير في المدينة تربطهم بهم روابط النسب والقربى، فأرادوا إيقاف النفقة عنهم لإجبارهم على الدخول في الإسلام، فنزل الوحي ينهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويخبر المسلمين أنه لا يرضى بالضغط الاقتصادي أن يكون وسيلة لهداية الناس١.