للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع والعشرون: مصير الأمة المتوفاة]

لا تتوقف السنن والأقدار عند -إعلان وفاة الأمة ودفنها- وإنما تستمر في عملها خطوات أخرى يصفها القرآن الكريم بـ"التقطيع في الأرض" و"الابتلاء بالحسنات والسيئات" و"الرجوع" و"الاستبدال". وإلى هذه الخطوات يشير قوله تعالى:

- {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: ١٦٨] .

- {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [المؤمنون: ٤٢] .

- {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] .

أما تفاصيل هذه الخطوات وتتابعها فهي كما يلي:

١- التقطيع والتجزئة:

و"التقطيع" المشار إليه هنا هو تفكيك عناصر الأمة المتوفاة، وانهيار مؤسساتها، وبعثرتها إلى دويلات وأقليات متناثرة هنا وهناك. وحقيقة هذا التقطيع أنه معالجة لـ"الصالحين" ومن هم "دون ذلك" ممن نزحوا هاربين خلال إعلان الوفاة والدفن. ذلك أن إنسان ما بعد دفن الأمة الميتة هو إنسان مثقل بـ"الأغلال" السياسة و"الآصار" الثقافية والاجتماعية التي تراكمت خلال فترات الجمود والآبائية، وأدت إلى وقوعه في أسر صنمية "الأشخاص والأشياء"، فصار يعاني من مرضين: الأول، عدم وضوح الرؤيا الفكرية ولذا يعجز عن النظر الصائب في -آيات الكتاب- أي مصادر الرسالة،

<<  <   >  >>