يحتاج كل جيل أن يتبين نموذج المثل الأعلى الذي يبني مستقبله طبقا له في ضوء الأصول التي يتضمنها القرآن والسنة، وفي ضوء حاجات العصر والتحديات القائمة. فالمثل الأعلى نتاج فقه بشري، وإن كانت أصوله إلهية؛ لأنه هو فهم القائمين على التربية لنموذج الحياة التي يراد بناؤها للجيل الناشئ. وهذا الفهم قد يكون صحيحًا، وقد يكون صحيحا جزئيا، أو قد يكون خاطئا تمامًا. وهو فهم محدود بحدود الزمان والمكان. وفي نظم التربية غير الإسلامية، يكون محرومًا من الأصول الإلهية، مقتصرا على ما تتوصل إليه القدرات العقلية خلال النظر في الخبرات البشرية وحدها. لذلك لا بد -عند تطوير نموذج المثل الأعلى الإسلامي- من مراعاة الأمور التالية:
أولا، بلورة المحتوى الفكري للمثل الأعلى، ثم ترجمة هذا المحتوى إلى تطبيقات عملية. وخلال هذه العملية تجري الاستنارة بالنصوص الإلهية، والاتصال بها اتصالًا اجتهاديًّا مباشرًا.
ثانيا، عرض المحتوى المذكور على الناس الذين سوف يعيشونه عرضا "مبينًا"، مع تهيئة المواقف، والوسائل اللازمة للممارسة التطبيقات الممثلة له.
ثالثا، عدم إسباغ العصمة أو القداسة على فهم الأسلاف لنماذج المثل الأعلى التي طوروها، وإنما دراسة ثمرات ذلك الفهم دراسة تحليلية ناقدة في ضوء "العاقبة" أو العواقب التي خلفتها تلك النماذج لتساعد على الإحاطة بحاجات الأجيال الحاضرة.
رابعا، الوقوف على تجارب البشرية الأخرى في ميدان تطوير نماذج المثل الأعلى، مهما كان نوع هذه النماذج للاستفادة من خبراتها سلبًا وإيجابًا.