للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس: إحكام تربية القدرات العقلية "وظيفة العقل"

في الإنسان قدرات عقلية كامنة -كالقدرات الجسدية، يستطيع من خلالها التعرف على البيئة القائمة من حوله بمكوناتها وأحداثها، ثم خزن تلك المعارف وتمييزها واسترجاعها وتوظيفها في الوقت المناسب طبقًا للمواقف والمشكلات التي يمر بها خلال مسيرة الحياة.

وتعبر القدرات العقلية عن نفسها في السلوك الظاهري من خلال -القدرة على التدبير: أي تدبير أمور المعاش في حياة الأفراد والجماعات. وتتخذ قدرة التدبير هذه حالات ثلاث: الحالة الأولى، تدبير لجلب ما هو نافع صائب، ولدفع ما هو ضار خاطئ، ويسمى صاحب هذه القدرة -عاقلًا حكيمًا. والحالة الثانية، ضعف في قوة التدبير عن جلب ما هو نافع صائب، وعن دفع ما هو نافع صائب، وعن دفع ما هو ضار خاطئ. ويسمى صاحب هذه الحالة -أبلها سفيها. والحالة الثالثة، طغيان في قوة التدبير لتعمل على جلب الضار الخاطئ، وإعاقة ما هو نافع صائب، ويسمى صاحب هذه الحالة -مخادعًا وماكرا سيئا.

والذي تهدف إليه التربية الإسلامية هي تنمية الحالة الأولى إلى درجة النضج، وتزكية الأفراد والجماعات من الحالتين الثانية، والثالثة.

وتتفاوت القدرات العقلية قوة وضعفا من شخص إلى آخر، أو عند الشخص الواحد خلال مراحل حياته -تماما كالقدرات الجسدية. فقد تقوى حتى تخترق بيئة الكون الكبير، فتتعرف على مكوناته وتقف على أسرار قوانينه، وتسخر هذه المكونات، والقوانين حسب الأهداف، والحاجات التي يتوجه إليها صاحب هذه القدرات. وقد تضعف هذه القدرات العقلية حتى يعجز

<<  <   >  >>