للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: درجة القدرة التسخيرية، وحدود الخبرة المربية

قلنا: إن -القدرة التسخيرية- هي ثمرة تزاوج القدرات العقلية مع الخبرات الكونية والاجتماعية، وإن هذه الخبرات دوائر بعضها أوسع من بعض. ونضيف هنا أن درجة القدرة تتناسب مع سعة الخبرة المربية. فالفرد يكون لديه قدرة تسخيرية في ميادين الكون، والاجتماع والنفس التي بلغت خبرته فيها مستوى الخبرة المربية، فإذا خرج خارج دائرة خبراته المربية فقد القدرة على تسخير الظواهر التي يواجهها في الدوائر الجديدة. ولذلك تتحدد الخبرات المربية عند ابن الريف داخل حدود الريف، فيكون مستقل التفكير والسلوك قادرا على اتخاذ القرارات، ولكنه حين يخرج إلى المدينة تتعطل قدراته التسخيرية، ويفقد القدرة على اتخاذ القرار المستقل، حتى إنه إذا أراد شراء قطعة

من القماش، فإنه يلجأ إلى بعض معارفه أو أصدقائه من أبناء المدينة لشراء القماش الذي يراه ملائما، ولو أنه كذلك دخل مطعما لم يجرؤ على اختيار ما يأكله، ويشربه ويفوض الآخرين ليختاروا له، أو يقلدهم فيما يأكلون

ويشربون١، ولو أنه أيضًا أراد الزواج من المدينة فإنه يقع على


١ إذا أجبر على الاختيار ما كان يشربه في الريف كأن يطلب "الشاي" أو"القهوة" أو ما يأكله في الريف كأن يطلب "شوربة العدس".

<<  <   >  >>