أول فتاة تصادفه ولو كانت من سقط المتاع، وتظل هذه حالته حتى تتعمق خبراته، وتبلغ درجة الخبرات المربية.
ومثل ابن الريف، الزعيم السياسي أو القائد العسكري أو المدير الإداري الذي ينتمي إلى قطر من الأقطار، التي لم تدخل عصر التكنولوجيا المتقدمة بعد، أي أنها ما زالت تستوردها ولا تنتجها. فمثل هؤلاء الأنماط الثلاثة من الزعماء والقادة والمديرين يتخذون قرارتهم، ويقومون بممارساتهم داخل بلادهم باستقلال وتفكير، ولكنهم حين يخرجون خارج دائرة خبراتهم المربية التي اكتسبوها من بيئاتهم، فإنهم يفقدون القدرة على اتخاذ القرار المستقل، والمعالجات المستقلة، ويلجئون إلى الأصدقاء والحلفاء من أبناء الدول المتقدمة المنتجة
للتكنولوجيا، ليمدوهم بالخبراء الذين يتخذون لهم القرار، ويضعوا خطط
التنفيذ، وكثيرا ما يستغل الخبراء مكانتهم هذه ليتخذوا قرارات وليمارسوا تطبيقات تخدم مصالح أقطارهم، وتضر بالمسئولين المحللين وبلادهم.
ومثل النوعين معا المثقف، أو المربي الذي ينتمي إلى بلد من البلدان، التي لم تدخل عصر تفجر المعرفة والذي لم يتدرب على التفاعل مع الكون المحيط والوجود القائم. فمثل هذا المثقف أو المربي يكون مستقل النظر، والقرار داخل حدود خبراته المربية التي كونها داخل بيته وثقافته. ولكنه حين يخرج خارج دوائر خبراته الثقافية والتربوية، فإنه يتبنى ما يتلى عليه أو ما يقرأه دون تحليل أو تقويم، ويتلقاه تلقي الوحي المعصوم، ويظل يكرره ويجتره حتى يغيره أهله الذين أنتجوه ثم يمدونه بأفكار غيرها، وهكذا.
لذلك كان واجب التربية أن تتوسع في تكوين الخبرات المربية عند المتعلمين حتى تدخلهم دائرة خبرات العصر والمستقبل المنظور. وبذلك يتكون عند الناشئة القدرات التسخيرية، التي تمكنهم من تلبية حاجاتهم القائمة والمستقبلية، ومواجهة المشكلات الموجودة والمحتملة.