المستوى الأعلى، وهو "مثل أعلى" هدفه الارتقاء بالنوع الإنساني.
والمستوى الأوسط، وهو "مثل أعلى" هدفه استمرار بقاء النوع البشري.
والمستوى الأدنى، وهو "مثل أعلى" هدفه تلبية حاجات الجسد البشري.
ولكل من المستويات الثلاثة دوائر تتسع وتضيق -حسب سعة الفقه البشري الذي يفرزها، فقد تتسع هذه الدوائر حتى تشمل النوع البشري، وقد تضيق حتى تقتصر على جنس معين أو قومية معينة، وقد تضيق أكثر حتى تقتصر على شعب معين أو قبيلة معينة، وقد تنحسر حتى تكتفي بالفرد الواحد نفسه. كذلك قد تضيق -مكانيا- حتى تقتصر على إقليم معين وقد تتسع حتى تشمل الكرة الأرضية كلها. وقد تضيق -زمنيًّا- حتى تقتصر على الحياة الدنيا وحدها، وقد تتسع لتشمل مراحل النشأة والحياة، والمصير.
ويكون "المثل الأعلى" في أحسن مظاهره حين تبلغ دوائره -البشرية والمكانية والزمانية- أقصى سعتها، فتشتمل على المستويات الثلاثة، وتتناسق هذه المستويات فتكمل بعضها بعضا، ويدعم بعضها بعضًا.
ولكن الخلل قد يتسرب إلى "المثل الأعلى" حين يقع التنافر والاضطراب بين المستويات الثلاثة، أو حين يقف عند المستوى الأوسط.
وتسوء حالة "المثل الأعلى" حين يهبط إلى المستوى الأدنى: مستوى تلبية حاجات الجسد البشري ولا يتعدها. وتزيد مضاعفات هذا السوء حسب الضيق الذي يعتري دوائره البشرية والمكانية، والزمنية المشار إليها أعلاه.
والمثل الأعلى الذي تطرحه التربية الإسلامية يشتمل على المستويات الثلاثة، وتتسع دوائره البشرية والمكانية والزمانية حتى تبلغ أقصاها؛ لأن هدف هذا المثل الأعلى الإسلامي هو تحقيق الحفاظ على النوع البشري كله ثم الارتقاء بهذا النوع في الأرض كلها، حتى تصبح سمته المميزة هي الإصلاح وعدم الإفساد في الأرض، واحترام حرمات الإنسان وعدم سفك الدماء وتأهيل النوع البشري كله للخلود في مراحل النشأة والحياة والمصير.