رابعًا: حصر الخبرات بالكونية، والاجتماعية دون الدينية والأخلاقية
من الإنصاف أن نقول: أن التربية المعاصرة قد أبدعت في ميدان الخبرات الكونية، وما تفرع عن ذلك من تقدم هائل في ميادين المعرفة الطبيعية، والتطبيقات التكنولوجية. بل إنها في هذا الميدان قد فاقت كل ما تقدم من عصور المعرفة كلها. وهي تتقدم الآن في ميدان الخبرات الاجتماعية، وتنعكس آثار هذا التقدم في علوم الإدارة وعلوم السياسة، وعلم النفس وأمثالها من العلوم الاجتماعية.
ولكن اقتصار هذه الخبرات على الميادين الكونية، والاجتماعية قد أفسد ثمراتها وأحالها إلى أدوات شقاء عند قطاعات كبيرة جدا؛ لأن هذا الاقتصار المشار إليه قد فصل الوسائل عن الغايات، التي توفرها الخبرات الدينية والأخلاقية وما يتفرع عنها في حياة الأفراد، والجماعات.
ولا يمنع أن نقول: إن الانتباه بدأ يتحول نحو ميدان الخبرات الدينية التي يسميها -ماسلو- بخبرات القمة أو Peak-Experience، وهي يوم ترسخ جذورها وتمتد فروعا سوف تستخرج عناصر الفطرة الطيبة في الإنسان.