[الفصل التاسع والعشرون: مشكلة التناقض بين إعداد الفريد وإخراج الأمة في أهداف التربية الحديثة]
[مدخل]
...
الفصل التاسع والعشرون: مشكلة التناقض بين "إعداد الفرد" و"إخراج الأمة" في أهداف التربية الحديثة
تعاني التربية الحديثة من مشكلة تحديد العلاقة بين الفرد، والأمة بحيث لا يطغي أحدهما على الآخر. ولقد بدأ النظر في هذه المشكلة منذ أواخر القرن التاسع عشر، واتخذ عدة اتجاهات يمكن تقسيمها إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية طبقا لمشاهير التربويين الذين قادوا هذه الاتجاهات.
الاتجاه الأول الذي يعتبر وظيفة التربية هي نقل الثقافة الاجتماعية إلى الفرد الناشئ. ورائد هذا الاتجاه هو المفكر الفرنسي -إيميل دوركايم" "١٨٥٨-١٩١٧"- الذي اشتهر في ميدان علم الاجتماع.
وخلاصة رأي دوركايم في هذا المجال أن المجتمع يحتل المكانة الأولى بينما يأتي الفرد في المنزلة الثانية. ولذلك تبدأ الحياة الحقيقية النافعة بقيام المجتمع وتوثيق روابطه. وحين تتحكم هذه الروابط تنعكس آثارها السيئة على الأفراد أنفسهم.
وانطلاقا من ذلك فإن وظيفة التربية الرئيسة هي إيجاد التوافق بين أفراد المجتمع، وتوثيق روابطهم وتطوير الروح الجماعية عندهم. فالمجتمع هنا هو محور الأهداف التربوية وليس الفرد. وهذا يعني إن مسئولية التربية تقع على الدولة، وعليها أيضا تقع مسئولية إعداد المعلم والمدرسة للقيام بهذه الوظيفة بالشكل الذي ترغب به الدولة.