الفصل سوف يقتصر على أهمية إخراج الأمة المسلمة بينما يؤجل الحديث عن مكوناتها إلى الباب الذي يليه. أما مظاهر هذه الأهمية كما يلي:
الأهمية الأولى، هي ما تنبه إليه الثانية -آية ٧٣ من السورة- حول الأضرار التي تنجم عن عدم إخراج الأمة المسلمة. وتتمثل هذه الأضرار في ثلاثة أضرار رئيسة هي:
الضرر الأول، هيمنة -قيم الكفر- في الأرض، وإخراج "أمة الكفر" حيث لا يقتصر الكافرون على ممارسة كفرهم كأفراد متناثرين، وإنما يتجمعون في أمة يوالي بعضها بعضًا. فإذا لم تقم "أمة الإيمان" فسوف تتولى "أمة الكفر" القيادة في الأرض، وتهيمن على مقاليد التوجيه والتخطيط، والتنفيذ في كل ما يتعلق بشئون السلم والحرب سواء.
والضرر الثاني، إن انتقال القيادة العالمية إلى "أمة الكافرين" سوف يؤدي إلى هيمنة "الفتنة" في حياة الناس. ولهذه الفتنة مظاهر عديدة منها: -الفتن السياسية- المتمثلة فيشيوع الظلم، وانتشار الحروب والصراعات الداخلية، أو الإقليمية أو العالمية. ومنها -الفتن الاجتماعية- كانهيار الأخلاق وشيوع التحلل، والفواحش وانتفاء الأمن وتقطيع الروابط الإنسانية. ومنها -الفتن الفكرية- كانتشار الفلسفات، والأفكار الهدامة ومضاعفاتها في الممارسات والعلاقات. ومنها -الفتن الاقتصادية- المتمثلة في "اقتصاد السحت" الذي يتورع عن الاتجار بما يهلك النفس والنسل، والاحتكار وأكل الحقوق شيوع الشح والجشع في جانب، وشيوع الفقر والحقد في جانب آخر.
والضرر الثالث: أن انتقال القيادة العالمية إلى "أمم الكفر" سوف يؤدي إلى شيوع "الفساد الكبير" في الأرض. ولهذا الفساد مظاهر متنوعة متجددة منها: الإسراف في الإنتاج الذي يبدد الموارد، والإسراف في الاستهلاك الذي يهدم العافية، ويجلب الأمراض التي لم تعرف قبل ذلك. ومنها: تخريب البيئة والتسبب باضطراب التوازن بين مكوناتها، وعناصرها ومضاعفات ذلك في تخريج المناخ والتربة، وإفساد الماء والهواء، وتدمير مقومات الحياة لعوالم الإنسان، والحيوان، والنبات.