للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم تذوب وتختفي بعد جيل أو جيلين. ولذلك لن يكون قبول حياة "الأقلية" إلا ضرورة مؤقتة حتى ينجح العمل الإسلامي الصائب في إيجاد مهجر تقوم فيه "أمة المؤمنين"، فإذا قامت صارت حياة الأقلية رضي بالاستضعاف في الأرض، وظلمًا للأنفس ووضعها في بيئات مرهقة للإيمان تهدد بذهابه، والانتهاء

بأصحابه إلى عقوبة الله.

ولذلك حدد القسم الثاني من الآية الأولى العلاقة بين "الأمة المسلمة" و"الأقليات المسلمة" المتناثرة خارج -دار الهجرة- بأن أفرغ هذه العلاقة من -الولاء والولاية- أي عدم المسئولية عن الأقليات إلا ما كان من نصرتها إذا تعرضت لاضطهاد ديني من قبل أمم لا تربطها بالأمة المسلمة من مواثيق، ولا معاهدات. وإن الباحث ليلمح في هذه العلاقة السلبية بين "الأمة المسلمة" و"الأقليات المسلمة" خلق نوع من الأوضاع القلقة غير المريحة التي تجبر الأقليات المذكورة على الهجرة إلى مهجر "أمة المؤمنين".

والفائدة الثانية، هي الاستقرار الاجتماعي، والاستقرار السياسي المشار إليهما بـ"لهم مغفرة". فالمغفرة هي تجنيب الأمة المسلمة عقوبات أخطاء الأمم. وعقوبات الأمم في القرآن الكريم متنوعة منها ثوران الأحقاد الداخلية، أو إشاعة الفتن والحروب في الداخل، أو تسليط الغزاة من خارج:

- {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: ٦٥] .

- {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: ٥] .

والفائدة الثالثة، هي الازدهار الاقتصادي المصحوب بالتماسك الاجتماعي، والعلاقات الكريمة بين طبقات الأمة وأفرادها، والمحافظة على كرامة الأمة وعلى قيمها وأخلاقها في الداخل، وسمعتها التاريخية في الخارج. فـ"الأمة المؤمنة" رزقها "رزق كريم" يحفظ كرامات الأفراد رجالًا

<<  <   >  >>