للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانطلاقًا من هذه العوامل الثلاثة تنقسم مظاهر الجهاد إلى ثلاثة مظاهر رئيسه يندرج تحت كل منها تطبيقات عملية لا حصر لها ولا نهاية. وتتجدد بتجدد الخلق، وما يتطلبه الخلق الجديد من تجديد في القيم والوسائل، والعلاقات والمؤسسات. أما هذه المظاهر الرئيسة فهي:

١- الجهاد التربوي، يستهدف الجهاد التربوي تحقيق أمرين: الأول، تزكية مكونات العمل الصالح عند الفرد، أي تزكية "القدرات العقلية" من أسر الهوى والجمود، وتزكية "المثل الأعلى" من سجن الحاجات الجسدية، وتزكية "الخبرات" من سلطان الآبائية والتقليد والخرافة، وتزكية "الإرادات" من الخوف والشهوات، وتزكية "القدرات" من العجز والكسل١.

والثاني، تزكية "الثقافة" السائدة المتعلقة بعناصر الأمة، أي عناصر: الإيمان، والهجرة، والجهاد والرسالة، والإيواء، والنصرة، والولاية. وذلك بتفريغها من محتوى "الولاءات العصبية" ثم ملؤها بـ"الولاء للأفكار" الإسلامية كما سنعالج ذلك في هذا البحث.

والجهاد بالمفهوم المذكور عمل يجب أن يعتمد على التخطيط العلمي، ويجب أن يكون له مؤسساته وخبراؤه وميادينه، وطرقه ووسائله والمربون العاملون في مجالاته. وهذا ما وجه إليه القرآن الكريم والسنة الشريفة، ولأهميته كانت المساواة بين مداد العلماء ودماء الشهداء٢.

ولابد من الإشارة -هنا- إلى التشويه الذي أصاب مفهوم الجهاد التربوي في عهود التقليد، والجمود وتجزئة نظرية التربية الإسلامية، فقد أدى هذا التشويه إلى اعتبار الجهاد التربوي -جهادا نفسيًّا- يقع على عاتق الفرد المسلم وحده حيث يدخل في صراع عصبي مع دوافه وشهواته في مواقف


١ للوقوف على تفاصيل مكونات العمل الصالح الخمسة، راجع باب -تربية الفرد المسلم- في هذا الكتاب.
٢ المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، جـ٦، "القاهرة: دار الفكر، ١٣٩١/ ١٩٧٢"، ص٤٦٦، رقم ١٠٠٢٦.

<<  <   >  >>