للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحفاظ على بقاء النوع البشري ورقيه الإنساني. ويتجلى اقتران هذا النوع من الجهاد بالرسالة الإسلامية من خلال الضوابط العقدية، والأخلاقية التي تحكمه وتوجهه بحيث لا يخرج لحظة واحدة عن غايات الرسالة وأهدافها. وحين يتحقق هدف من أهداف الرسالة دون قتال يتوقف الجهاد القتالي، ويصير ممنوعا. والأمثلة على ذلك واضحة في التطبيقات النبوية. فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:

"بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الحرقة. فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم. فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال:

- "يا أسامة أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله!!؟ "

- قلت: كان متعوذًا. "أي يتظاهر بقولها ليعوذ بها من القتل".

فما زال "النبي" يكرها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم"١.

وعن المقداد بن عمرو الكندي، وكان ممن شهد معركة بدر قال: قلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تقتله! ".

قلت: يا رسول الله إنه قطع يدي ثم قال ذلك بعدما قطعها!؟

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال" ٢.


١ البخاري، تجريد الصحيح، جـ٢، غزوة مؤتة، ص٨٣.
٢ مسند أحمد، "شرح الساعاتي"، جـ١، رقم ٧٠، ص١٠١.

<<  <   >  >>