للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استشهاده، ويمنع أصحابه بعد فتح مكة من استرجاع دورهم، وممتلكاتهم التي صادرتها قريش عند هجرتهم إلى المدينة المنورة. ومثل هذا وذاك كثير.

وتحتاج التربية الإسلامية أن تحكم "فقه" كل مظهر من مظاهر الجهاد الثلاثة خاصة فيما يتعلق بنسخه أو رفع النسخ عنه١.

فالمظهر القتالي للجهاد يصبح مبررا، ومعمولا به حين تشيع قيم الكفر وتنتشر "ثقافة العدوان" و"اقتصاد السحت" اللذان يهددان بقاء النوع البشري ورقيه، وتكون الأمة الإسلامية قادرة عليه مهيأة له عدة وعددا. ولكن بروز اتجاهات الحوار بني المجتمعات الإنسانية "ينسخ" مظهر الجهاد القتالي، ويفرض على مؤسسات التربية الإسلامية أن تهيئ مفكرين مؤهلين، قادرين أن "يجادلوا" قادة الفكر العالمي بمناهج "أحسن" محتوى، و"أحسن" رسوخا وإحاطة بحقائق الوجود، وخبرات الحياة الإنسانية.

وارتداد الأمة إلى محاور الولاء "القبلي" و"الإقليمي" و"القومي" يقتضي من المؤسسات التربوية أن تبذل أقصى "وسعها" للجهاد التنظيمي، والاستراتيجي لبلورة شبكة علاقات جديدة تحديد الأطر، والاستراتيجيات التي تنظم "وسع" الأمة الإسلامية، ومقدراتها كلها وتهيؤها لعبور طور العالمية الذي يشكل محور التربية الإسلامية في إخراج الأمة الإسلامية، وتقيها من نسيان سنن الله في الاجتماع الإنساني، لئلا ينسيها الله منافع أنفسها في الدنيا والآخرة. فالنسخ أو رفعه يطبقان على مظاهر الجهاد الثلاثة حسب الظروف، والمناسبات مع الانتباه إلى أن المظاهر السلمية للجهاد تحتل منزلة الأولية في كل سياق قرآني حسب تدرج معين يشمل الجهاد بالمال، فإذا لم يكف


١ لابن تيمية "فقه" خاص في الناسخ والمنسوخ، وخلاصته أن النسخ أو رفعه أمر موقوت ودوري. وهما يتعاقبان بتغير الأحوال والظروف. ففي وقت معين ينسخ حكم ما، فإذا أعقبته ظروف تستدعي رفع النسخ، وعودة العمل بما كان منسوخا رفع النسخ عنه. والمؤلف هنا يتبنى هذا اللون من "الفقه"؛ لأنه يتفق مع صلاحية آيات الكتاب لكل زمان ومكان. [راجع كتاب -مقدمة في التفسير لابن تيمية] .

<<  <   >  >>