للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المرحلة الخامسة تأخذ العقائد. وعند هذه المرحلة تنهار جميع الحواجز ويبدأ الذوبان الكامل.

والأمم التي تعي قوانين هذا الذوبان تحاول أن تتجنبه من خلال تجديد دورها في العطاء الحضاري، واستئناف العطاء ليتوفر لها البقاء، والتميز في الداخل، والاحترام وفي الخارج. من ذلك ما لجأت إليه اليابان من خلال تصدير فلسفة زن Zen ورياضة الجيدو، والكاراتيه وصبغ الصناعية اليابانية بأشكال الفن الياباني، ومن خلال المحافظة على القيم والتقاليد اليابانية بما فيها خروج مجلس الوزراء إلى المعبد الرئيسي للبوذية، لتقديم اليمن الدستورية هناك.

والأمر الثالث الذي يمثل أهمية الرسالة في حياة الأمة هو أن الرسالة حاجة نفسية -اجتماعية. والأمم التي تحمل رسالة تحفظ وحدتها، وتجنب مجتمعها من الانقسام والتفتت، والحزبية والطائفية، والتصارع من أجل المصالح والعصبيات المحدودة. وتتناب الظاهرتان بشكل كامل بحيث أن غياب إحداهما يؤدي إلى بروز الثانية. ذلك أن الرسالة توحد أفراد الأمة، وجماعاتها حول هدف أسمى يستهلك طاقاتهم، ونشاطاتهم فتختفي الانقسامات والفتن. أما حين تغيب الرسالة فإن الناس تتقاسمهم أهداف فردية، ومصالح عصبية وبذلك تبرز الحزبية والعصبيات وتشيع الفتن، وتتفرق الأمة إلى فئات متنابذة متصارعة. وإلى هذا يشير قوله تعالى:

{إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: ٣٩] .

ولقد علق ابن تيمية على هذه الآية فقال:

"قد يكون العذاب من عنده، وقد يكون بأيد العباد. فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله، فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو في الواقع. فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم، وألف بينهم، وجعل بأسهم على عدوهم وعدو الله. وإذا

<<  <   >  >>