للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الخاصة. فإم لم تغير العامة على الخاصة عذب الله العامة والخاصة" ١.

ويؤكد -صلى الله عليه وسلم- أن موالاة الظلمة تخرج من الإسلام في الدنيا، وتحرم من شفاعته في الآخرة:

"سيكون من بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض. ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض" ٢.

وكان من ثمار هذه التربية النبوية أن قامت روابط النصرة في مجتمع الراشدين على تعشق العدل والتضحية في سبيله، وصارت طاعة الحاكم مرهونة بدرجة تقيده بالعدل واحترام الحريات. كان عمر بن الخطاب في مجلس وحوله المهاجرون والأنصار فقال: "أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ما كنتم فاعلين؟ فسكتوا. فقال ذلك مرتين أو ثلاثًا. فقال بشر بن سعد: لو رفعت ذلك قومناك تقويم القداح -أي السهم. فقال عمر: أنتم إذا! أنتم إذا"٣. "أي أنتم إذن الممثلون للأمة المسلمة الحقة".

وجميع مواقف عمر كانت من جنس هذا الموقف؛ لأن عمر كان حاكما مربيا يرسي تقاليد ثقافة جديدة في السياسة والاجتماع، والاقتصاد ويريد هذه الثقافة أن تتحدر في تاريخ الأمة، وأن يصبح العدل والحرية محور هذه الثقافة والسمة المميزة لنظمها، وقيمها وأعرافها.

٣- نصرة الحرية في مجابهة الاستبعاد:

وهذا المظهر من مظاهر النصرة يمثل عقيدة التوحيد، ويجسدها في واقع اجتماعي يصهر الفروق بين الأفراد والجماعات. وذلك كان غياب


١ مسند أحمد، جـ٤، ص١٩٣.
٢ صحيح ابن حبان، جـ١، ص٤٤٠، رقم ٢٨٢، ٢٨٣.
٣ كنز العمال، جـ٥، ص٦٨٧، ٦٨٨.

<<  <   >  >>