للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥] .

ومع اعتقادنا الراسخ بكمال العلم الإلهي، إلا أننا نرى في مناسبة الآية واستجابة الوحي لطلب -نسيبة- وأخواتها بعض مظاهر الحكمة الإلهية التي شكلت الأحداث لتعلم جيل الصحابة -والأمة المسلمة درسا في التعبير عن الرأي، وأهميته ولو كان الذي يعبر عن رأيه امرأة، ولو كان الموضوع الذي يدور حوله التساؤل هو أسلوب الوحي!! فإذا كان الأمر كذلك، فليس هناك من بني البشر من هو التساؤل والنقد الإيجابيين!!

وعلى هذا المنهج سارت الحياة في المجتمع النبوي والعهد الراشدي. فحين تولى عمر بن الخطاب الخلافة -مثلًا- كتب إليه أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل من الشام رسالة مشتركة يذكرانه بالمسئولية التي عهدت إليه ويحذرانه مغبة القصور عنها. ومما جاء فيها: "أصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها، يجلس بين يديك الشريف والوضيع، والعدو والصديق، ولكلٍّ حصته من العدل، فأنت كيف أنت عند ذلك يا عمر! فإنا نحذرك يوما تعيى فيه الوجوه، وتجف فيه القلوب، وتقطع فيه الحجج، يملك قهرهم بجبروته، والخلق داخرون له، يرجون رحمته ويخافون عقابه".

وتلقى عمر الكتاب فلم تأخذه عزة السلطان، وإنما شكر لهما النصيحة والتواصي، وكتب يطمئنهما إلى ما أوصيا به ثم أضاف:

"كتبتما به نصيحة تعظاني بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما. فإنكما تكتبان به وقد صدقتما فلا تدعا الكتاب إلي، فإني لا غنى بي عنكما والسلام عليكما"١.


١ الطبراني، المعجم الكبير، جـ٢٠، ص٣٢، ٣٣ رقم ٤٥.
علي المتقي الهندي، كنز العمال، جـ١٦، ص١٦٠، ١٦١ نقلا عن ابن أبي شيبة.

<<  <   >  >>