محاور -الولاء- القومي أو الشعوبي، ثم إلى محاور الولاء الإقليمي ثم إلى محاور الولاء القبلي. فالإنسان الحاضر في الأقطار الإسلامية يتحدد محور ولائه بحدود قبيلته، وليس لديه مفهوم واضح عما يعنيه الولاء للأمة المسلمة الواحدة.
ولا بد هنا من الانتباه إلى الفرق بين "الولاية" و"الانتماء"، وهو ما أدركت ضرورته حينما خلط البعض بين العلاقتين بعد صدور الطبقة القطرية من هذا الكتاب حينما عمد الأستاذ عمر عبيد حسنة المشرف على طباعة -كتاب الأمة- إلى تغيير العبارة المذكورة أعلاه، عبارة:"فالإنسان الحاضر في بلاد الإسلام يتحدد محور ولائه بحدود قبيلته" فجعلها: " ... يتحدد محور ولائه بحدوده الإقليمية".
فـ"الولاية" تتحقق حين يبلغ المستوى الذي تصل إليه حركة إرادة الإنسان درجة النفير الاختياري خفافا وثقالًا، وبدافع من "إيمان" الفرد أو الجماعة لـ"هجرة" ما هو خطأ وممارسة ما هو صواب، و"الجهاد" من أجل ما هو حق، و"إيواء" و"نصرة" من يشاركونهم هذا الإيمان.
أما "الانتماء" فهو حركة لا تبلغ فيها الإرادة إلى درجة النفير الاختياري، ولا "يجاهد" صاحبها أو أصحابها بالمال والنفس، ولا "يتآوون" و"يتناصرون" بل تصبح مصائب بعضهم فوائد للبعض الآخر. ولذلك لا يمكن تسمية زحف الجيوش المحترفة نفيرا اختياريا يعبر عن "ولاء" للأمة؛ لأنها تساق إلى الموت رغما عنها، وبسبب ما يدفع لها من رواتب مادية وأعطيات عينية. ولكنا نرى عناصر هذه الجيوش المحترفة إذا تعرضت قبائلها للخطر، فإنها "تنفر" نفيرا اختياريا و"تقاتل حمية" دون رواتب تتقاضاها و"تؤوي" و"تنصر" من يشاركونها القرابة الدموية القبلية. وإذا رفعت شعارات "القومية" أو "الأخوة الإسلامية"، فإنما هو استثمار لهذه الشعارات و"إنفاق" لهذه المحتويات كدعامات مساندة لتعزيز فاعلية "الولاء" للقبيلة.