للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاقتصاد والسياسة والثقافة والفنون، والتربية وتتسابق لتملق الظالم طلبا لما عنده من شهوات أو لما تربطهم به من عصبيات، فالتاجر في الأمة الميتة يخشى على تجارته، والموظف يخشى على وظيفته، والعامل يخشى على عمله، وصاحب الشهوة يخشى فقدان شهوته وهكذا.

ولا يعني هذا أن الأمة الميتة تخلو من العناصر الصالحة، وإنما معناه أنها تفتقر إلى العناصر "الصالحة-المصلحة" التي تقف أمام الظلم، وتحول دون انتشاره واستشراء مضاعفاته. والتمييز بين الفريقين واضح تمام الوضوح في القرآن الكريم والحديث الشريف. فالقرآن يؤكد على أن العناصر "الصالحة-المصلحة" هي الضمان الواقي للأمة من الهلاك ومن العقوبات الإلهية. من ذلك قوله تعالى:

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧] .

أما العناصر الصالحة غير المصلحة فهذه لا تحول دون وفاة الأمم، ولا تنجو من الدمار الذي ينزل بالأمم المعذبة:

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} [الأعراف: ١٦٨] .

وينبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أن مساعدة الظالم على ظلمه تخرج من الإسلام:

"ألا إنه سيكون بعدي أمراء يظلمون، ويكذبون فمن صدقهم بكذبهم، ومالأم على ظلمهم فليس مني، ولا أنا منهم، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ومن لم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه" ١.


١ محمد خليل الخطيب، إتحاف الأنام، ص٢٣ نقلا عن مسند أحمد "رواية النعمان بن بشير".

<<  <   >  >>