للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: ٤٥] .

ولقد خلص مفسرو جيل الصحابة والتابعين من أمثال ابن عباس، ومجاهد والسدي وقتادة إلى أن -أولي الأيدي- هم أولوا القوة في طاعة الله. أما أولو الأبصار فهم أولو العقول التي تصيب الحق، والفقه في الدين١.

والقوة هي ثمرة -الإرادة، أما الإبصار فهو ثمرة -القدرة. أي إن العمل هو: قدرة وإرادة، فإذا وجدت القدرة ووجد إلى جانبها الإرادة يتولد العمل.

وهنا ينهض سؤال آخر هو: ما هي القدرة؟ وما هي الإرادة؟ وكيف يمكن تنمية كل منهما كمقدمة لتزاوجهما بغية توليد "العمل"؟

الجواب: القدرة نوعان: قدرة بمعنى الطاقة، وهذه يشترك بها الإنسان والحيوان والجماد. وقدرة تسخيرية، وهي القدرة على تسخير طاقات المخلوقات المحسوسة في الكون طبقا للقوانين التي تنظم وجود هذه المخلوقات، ولما تمليه حاجات الإنسان في البقاء والرقي. وهذه خاصة بالإنسان وهي التي يجري عليها التركيز في التربية الإسلامية؛ لأن إتقان هذه القدرة يهيئ للإنسان المسلم أن يستيقن من قدرة الله، ومظاهر صنعه ونعمته، وأن يسجد مكانته كخليفة في الأرض، وأن يستثمر قوانين الموجودات والأحداث من حوله لما فيه بقاؤه ورقيه.

والقدرة التسخيرية هي ثمرة تزاوج القدرات العقلية الناضجة مع الخبرات الدينية، والاجتماعية، والكونية المربية. أي أن القدرة التسخيرية تولد من خلال النظر العقلي السليم في تاريخ الأفكار، والأشخاص، والأحداث، والأشياء، والإحاطة بنشأتها ثم تطورها وواقعها.


١ الطبري، التفسير، جـ٢٣، ص١٦٩-١٧٠.

<<  <   >  >>