للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القيام به. إنها عمليات جراحية إلهية تستهدف فك "الأغلال" السياسية و"الآصار" الاجتماعية والثقافية التي مكنت للظلم، وسمحت للظالمين بإحكام قبضتهم إحكاما لا فكاك منه.

والتاريخ مليء بأشكال "الصيحة" التي تتالت صيحة بعد صيحة كلما أحكم الظلم قبضته، وجنبت الأمة عن تحطيم قيود الظالمين وثقافة الظلم.

فالطوفان كان "صيحة" أبعدت النظام الظالم، والثقافة الظالمة التي كانت تلقن الفجور، والكفر للإنسان منذ طفولته حتى يبدو، وكأنه يولد مزودا بهما:

{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] .

وآشور كانت "صيحة" أجهزت على النظام الظالم الذي آل إليه ورثة رسالة موسى عليه السلام في أرض الرسالات، وحول المسجد الأقصى.

والمسلمون الفاتحون كانوا "صيحة" أبعدت النظم الظالمة، وقوضت الثقافات والأديان المستبدة التي كانت قائمة في ظل قيادات القياصرة والأكاسرة.

والمغول كانوا "صيحة" قوضت النظام الظالم الذي انتهت إليه إدارات الخلفاء والسلاطين في بغداد.

والصليبيون كانوا "صيحة" أبعدت النظام الفاطمي الظالم الذي أعاد الصنمية، والزندقة ودمر الاجتماع في مصر والشام.

وجيوش الاستعمار الحديث كانت "صيحة" أبعدت الأنظمة الظالمة، وهدمت مؤسساتها وإداراتها وفككت "أغلال" سياسات الولاة والباشاوات، والسلاطين الظالمة، و"آصار" الثقافات العصبية والعرقية الداعمة للظلم وبقائه وتثبيته.

<<  <   >  >>