للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيم العصبية والآبائية، المضيعين لـ"الرسالة"، الناكصين عن "الجهاد" في سبيلها.

ويلاحظ أن الآية أوردت ثلاثة من العناصر المكونة للأمة المسلمة كصفات مميزة لامتداد هذه الأمة عبر التاريخ. وهذه الصفات هي: الإيمان، والهجرة، والجهاد، ولم تذكر منها عنصري: الإيواء، والنصرة. ولعل السبب أن ذكرها قد مر في الآيات التي سبقت؛ ولأنها من مستلزمات عنصر الهجرة والمهجر وأساس شبكة العلاقات الاجتماعية التي تنظم علاقات المؤمنين في المهجر المشار إليه.

ويجدر الانتباه -هنا- إلى أن ولاية -الأرحام- التي يوجه إليها نص الآية القائل: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ، هي ولاية إرشاد ودعوة لا ولاية عصبية ودم، فهي ولاية مادتها "كتاب الله" أي أن المؤمنين -قبل غيرهم- مسئولون عن تعليم -أرحامهم- كتاب الله، وهذا ما يوضحه أمثال قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] ، و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦] . والذين يصلون -أرحامهم- بشيء من الدنيا فصلاتهم تنحصر في ممتلكاتهم الخاصة التي اكتسبوها بعمل أيديهم، أما ممتلكات الأمة، وما يتعلق بها من منصاب ومسئوليات، فليس لأحد أن يخص أقرباءه بشيء منها -كما ورد في التفاصيل التي مرت في فصول سابقة. فصلة الأرحام هنا تدور في فلك -أفكار- الرسالة وتهتدي بهديها. وحسب المؤمنين الصلة التي يقررها الله لهم؛ لأنه وحده العليم بالصلاة الفاعلة الخيرة في طور العالمية الجديد، وبالنسب الحقيقي النافع في الدنيا والآخرة.

سادسا، يلاحظ في الفصول التي عالجت -صحة الأمة ومرضها ووفاتها- أنه تم التفريق والتمييز بين "الولاء" و"الانتماء" مع توضيح هذا الفارق بالرسومات البيانية. وأهمية هذا التفريق أنه كثيرا ما يختلط الولاء

<<  <   >  >>