للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي التراث اللذين تحدرا من عصور الركود والضعف. وتتمثل هذه الأخطاء فيما يلي:

أولا: إخراج عنصر "الإيمان" من مركز الاجتماع البشري إلى ميدان المقولات الغيبية التي لا صلة لها بوقائع النشأة والحياة والمصير. وهذا ما قام به أمثال فرق القدرية والجبرية والمعتزلة، ومن استدرجوه لمحاورتهم من المذاهب والعلماء حين أداروا الجدال حول "ذات الله"، وما تفرع عن ذلك من مقولات التجسيد، والاستواء والصعود والنزول، مخالفين بذلك التوجيهات الإلهية، والنبوية التي تدعو إلى حصر التفكر والنظر في "خلق الله"؛ لأن في هذا الخلق آيات الله في الآفاق، والأنفس أي البراهين التي تصدق آيات الوحي؛ ولأنه يهيئ لاكتشاف سنن الله وقوانينه في الكون، واكتشاف هذه القوانين يؤدي إلى تسخير مخلوقات الله، وانتفاع الإنسان بها ورؤية نعم الله من خلالها.

ثانيًا: حصر الفقه في "المظهر الديني" للعبادة دون "المظهر الاجتماعي والمظهر الكوني". وهو ما قام به "فقهاء التقليد المذهبي" و"فقهاء السلاطين والخلفاء" الذين سجنوا الققه، ومحتوياته في حدود -قيم العصبيات- الي هيمنت بعد عصر الخلافة الراشدة، وجعلت محورها "القوة فوق الشريعة" بعد أن كان محور القيم "الشريعة فوق القوة"، مما أدى إلى إهمال الفقه المتعلق بـ"الأمة" وعناصرها في الهجرة، والرسالة، والإيواء، والنصرة، والولاية، وانحسار ميادين الفقه إلى ما يتعلق بـ"الفرد" وتضخيم قضايا الطهارة، والحيض والنفاس وأمثالها.

ثالثًا: تشويه معنى "الولاية" وهو ما قامت به طرق التصوف السلبي المنسحب من الحياة حين شوهت معنى "الولاية"، وأخرجتك هذه -الولاية- من محتواها الاجتماعي، وجعلت -ولي الله- كل مخبول أهبل، منسحب من الحياة، عاجز عن العمل، خانع أمام الظلمة، قانع بالفاقة والقهر والاستغلال. فوجد السلاطين الظلمة في نموذج هذا "الدرويش" صورة

<<  <   >  >>