المعرفة الأكاديمية إلى تخصصات غير مترابطة مع العلاقات الهشة بين العمال والموظفين، وتقسيم الوظائف الرتيبة المملة. كما إن امتحانات الذكاء IQ وامتحانات القدرات المهنية هي وسائل مصممة لغرس القناعات النفسية الراسخة بأن المستقبل الذي يراد للطلاب في أماكن العمل هو ما يتفق مع قدراتهم العقلية، واستعداداتهم النفسية، وإنهم يتحلمون -هم أنفسهم- مسئوليات النجاح والفشل في حياتهم.
ويضيف أصحاب هذه النظرية، إنه بالرغم من هذا التطابق بين الأهداف التربوية، وأهداف أصحاب العمل، إلا إن الأهداف التربوية تحمل في طياتها التناقض والاضطراب. ففي الوقت الذي تدرب المدرسة الناشئة ليكونوا في المستقبل عمالا طائعين، فإنها تغرس فيها بذور التمرد والشغب. وفي الوقت الذي تدرب الجامعة الطلبة ليكونوا بيروقراطية الإدارة والهيمنة في أماكن العمل فإنها تشيع بينهم المعارضة والنقد لأصحاب العمل. كذلك تسهم أهداف أولياء الأمور في هذا التناقض؛ لأن أهدافهم التي أرسلوا أبناءهم من أجلها إلى المدارس والجامعات إنما تدور حول تحسين أحوالهم الاجتماعية، ورفع مستواهم الاقتصادي وهذه تتناقض مع أهداف المؤسسات الاقتصادية في الهيمنة والربح الوافر١.
ولو نظرنا -نظرة محايدة- في مختلف هذه الآراء مقرونة بأهداف التربية الحديث كلها لوجدنا أن التناقض يعود إلى بشرية المصدر الذي تستمد منه هذه الأهداف سواء أكان فردا أو جماعة. فالاتجاه الذي ينطلق من "تلبية رغبات الفرد وحاجاته" يجد نفسه بعد فترة أمام مجموعات من "الرغبات والحاجات". فالأفراد الذين يحققون قسطا معينا من النجاح خلال مسيرة الحياة تتركز "رغباتهم وحاجاتهم" حول ثمرات هذه النجاح وتتفق مصالحهم في التحالف للمحافظة على هذه "الثمرات"، وزيادتها التي لا تقف
١ Samuel Bowels & Herbert Gintis, Schooling in Capitalist America, "New york: Basic Books Inc. ١٩٦٧" PP. ١٠-١١.