للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها سببا في الاغتراب النفسي، وغسل الدماغ من روابط الإيمان والأخوة، وسببا في اليأس من مستقبل الإسلام والمسلمين.

ولقد زاد في حدة هذا التناقض ما يراه الإنسان المسلم من استجابة -مجتمعات غير المسلمين- للتطورات الهائلة في وسائل المواصلات، والنقل الجوري والبري والبحري التي أحالت البشر إلى ما يصفهم علماء الاجتماع المعاصرون بـ"البدو الجدد New Nomads" الذين يركبون الطائرات، والسيارات بدل الجمال، ويسكنون الفنادق بدل مضارب الخيام. ولقد أصبحت ظواهر السياحة والسفر والتبادل العلمي والتجاري، والثقافي وتيسير فرص العمل ظواهر يتخصص بها الأفراد والجماعات وتقام لتشجيعها وإداراتها المؤسسات. وتحمل نظم التربية -في مجتمعات غير المسلمين- مسئولية رئيسية في هذا المجال في الوقت الذي تشغل نظائرها في العالم الإسلامي المتعلم في استظهار الصور الفنية، التي تقدمها أشعار بدوي ما قبل الإسلام، وهو يصف بعر الجمال وأثافي المواقد، ومضارب الخيام.

وليس هناك من حل لهذا التناقض إلا أن تتصدى نظم التربية الإسلامية -أولًا- ثم تتبعها نظم الإدارة -ثانيًا- لترسيخ المفاهيم التي يشتمل عليها -رباط الهجرة- الذي تم استعراضه في عناصر الأمة المسلمة مستهدفة تحويل الناس إلى مهاجرين قادمين، وأنصار مقيمين. فهذا هو نموذج العلاقات الذي يتلاءم مع المبادئ والموضوعية، والإنصاف التي مرت الإشارة إليها كضرورة من ضرورات التطور العالمي الذي خطت البشرية أولى درجات عتباته بمجيء الرسالة الإسلامية.

وترسيخ مفاهيم هذا العنصر يتطلب من مفاهيم التربية الإسلامية المعاصرة أن تصنيف الخبرات، والأنشطة التي تبرز أهمية -السير في الأرض- والسفر في أنحاء المعمورة ومنافعه ومقاصده. فلا يكون اللهو والعبث، والبحث عن المتع الرخيصة والشهوات الدنسة، كما لا يجوز أن يتقوقع الإنسان في زاوية من زوايا الأرض أو حجرة من حجرات القائمة فيها

<<  <   >  >>