للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكونون أمثاله، هو هذا الحران العنيد الذي يصر على البقاء في طور العصبيات الإقليمية، والقبلية ويرفض الانتقال إلى طور "الأمة العالمية" الدائرة في فلك "الأفكار" الإسلامية، ويتحايل على دائرة الانتماء الإسلامي بمنظمات صورية تعمل كمقابر لمشكلات "مزق" الأمة الإسلامية المتوفاة!! الأمر الذي خرج به عن صراط الإيمان والإسلام، وأركسه في تعرجات النفاق الذي بدأ صغيرا ثم تطور إلى نفاق أكبر أركسه في الدرك الأسفل من هوان الدنيا، ويؤهله للدرك الأسفل من نار الآخرة!

ولا يقتصر هذا الحران العنيد، الذي يفرض الانتقال من "ثقافة العصبية القبلية" وتطبيقاتها، على الأنظمة السياسية والإدارية القائمة في "مزق" الأمة الإسلامية، المتوفاة!! بل إن الحركات الإسلامية القائمة لم "تتزك" من ثقافة العصبية القبلية، وإنما بقيت غارقة في حمأتها حتى الأذن. فالمرشد العام للجماعة، أو المراقب العام، أو الأمين العام للجبهة أو الحزب يبقى مرشدًا "راشدا"، وأمينا "أمينا" مدى الحياة محاطا بـ"العصمة" التي تحيط بشيخ القبيلة، ولا يطوله النقد الذي طال الخليفة عمر بن الخطاب. وحين يشيخ "معاوية"، أو يموت يرثه في منصب المرشد أو المراقب، أو الأمين العام أو المجلس النيابي ولده "يزيد". والمجموعة المتعاونة معه لا يجري اختيارها طبقا لمقاييس الدوران في فلك "أفكار" الجماعة أو الحزب، وإنما طبقا للدوران في فلك "أشخاص" القربى والمصاهرة، والشراكة التجارية والصدقات الشخصية، والانتماء الإقليمي أو طبقا لمستوى امتلاكهم لـ"أشياء" الدنيا وأمثال ذلك.

والدعوة ليس لها استراتيجية ولا خطط ولا مؤسسات، وإنما هي ارتجال وردود فعل لما يطرحه الإعلام المحلي والعالمي، واستجابات إشراطية منفعلة كاستجابات الحمية القبلية. وأساليب الدعوة تقتصر على -الخطابة والموعظة غير الحسنة- القائمة على الانفعال والارتجال، الجاهلة بالنفس البشرية ومفاتيحها. وليس هناك مؤسسات لإخراج من يدعو

<<  <   >  >>