للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بد من الانتباه إلى أن تنمية القدرات العقلية تحتاج إلى مراعاة عدد من الأمور هي:

١- إن القدرات العقلية تولد كامنة في الإنسان، وهي تنمو وتشتد بالرعاية والتربية، وتضعف أو تموت بالإهمال أو سوء الاستعمال، أو سوء التربية أو سوء السلوك والتطبيقات الخاطئة، أو أجواء القهر والتسلط. والإشارات القرآنية إلى أمثال ذلك كثيرة ومتعددة تجتمع الإشارة إليها جميعا في مثل قوله تعالى:

{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤] .

٢- إنه لا نهاية للقدرات العقلية بل هي متنوعة، ومتدرجة بتنوع الموجودات وظواهر الكون ومواقف الحياة، وإن في الإنسان قدرات عقلية هائلة ما زال القسم الأكبر منها لم يستعمل. ويشير القرآن إلى أن في الإنسان قدرات عقلية تمكنه من معرفة المخلوقات كافة، والوقوف على نشأتها وتكوينها وما يتعلق بها، ثم تلخيص ذلك كله في أسماء جامعة مانعة. وإلى هذه القدرات يشير قوله تعالى:

{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١] .

٣- إن مجموع العمليات العقلية والتفكيرية التي يقوم بها الإنسان في مواجهة موقف معين هو عملية العقل كعملية الهضم، أو الشرب أو النوم. والعاقل هو من كانت لديه القدرات العقلية التي يتطلبها الموقف، ويستطيع القيام بالخطوات التفكيرية بالترتيب الذي ذكرناه. والتمرس بهذه القدرات والمهارات حتى درجة الإحاطة بالموقف، ومعالجته إلى الدرجة التي تحلل المشكلة وتفرز الحلول المطلوبة هو الحكمة، التي تعجل صاحبها حكيما بسلوكه خبيرا بموضوعه.

٤- إن الفشل في تربية القدرات العقلية، ومنهج التفكير يفرز آثارا خطيرة جدا في حياة الفرد والمجتمعات سواء. فالفرد الذي لا تنضج قدراته العقلية ومنهج التفكير فيه حين يحس بمشكلة ما أو يواجه موقفا معينا فإنه

<<  <   >  >>